مقالات

الإمامان موسى الكاظم ومحمد الجواد من كتاب المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية

الباحث عن مناقب أهل البيت (عليهم السلام) لا بد له من أن يخوض لججاً عميقة ويمخر عباب بحورٍ واسعة مترامية الأطراف متلاطمة الأمواج، لا يدركها الطالب ولا يحيطها الراغب، مهما حاول واجتهد إلا بالقدر الذي يسمح به جهده وسعة علمه،

ورغم ذلك حاول الكثير من العلماء ركوب تلك الأمواج في اقتحام عالمهم الخاص والتقصي عن مناقبهم وذكر مصائبهم من خلال البحث في سيرتهم،

علّ ذلك يروي شغفهم ويرّد بعض لهفتهم في طلب العلم ومعرفة حقيقة أهل البيت (عليهم السلام) ومعالم شخصياتهم الفذة، ومن بين هؤلاء العلماء العالم الجليل السيد محسن الأمين العاملي الذي حاول من خلال كتابه ( الإمامان موسى الكاظم ومحمد الجواد من كتاب المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية)، أن يقف على مناقب الإمامين (عليهما السلام) والمصائب التي تعرضا لها ويصدرها بهيئة مجالس خاصة، وقبل أن نسترسل في تقديم الكتاب وسيرة مؤلفه، لا بد لنا من أن نشير إلى دور الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وعنايتها في نشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) لاسيما الأمامين الجوادين (عليهما السلام) من خلال طبع الكتب الخاصة بهما، التي تتناول سيرتهما وما اشتملت عليه من العطاء العلمي والمعرفي والأخلاقي والاجتماعي، ومن بين هذه الكتب هذا الكتاب الذي نحن بصدد تقديمه للقارئ الكريم، وحتى نستوفي التقديم لا بد ان نبدأ أولاً بإعطاء نبذة مختصرة عن سيرة وترجمة المؤلف، فهو العلامة الفقيه والمحدث الجليل السيد محسن بن عبد الكريم بن علي بن محمد الأمين، ولد السيد في شقرا سنة 1284هـ ، أخذ درسه الأول في قراءة القرآن وحفظه على يد والدته، وبعد أن ختم القرآن شرع في قراءة علم النحو متدرجاً بحفظ متن الإجرومية ثم قراءة قطر الندا وبلّ الصدا والصرف على يد ابن عمه السيد محمد حسين، انتقل بعدها إلى قرية عيثا الزط لأخذ درس القطر والصرف والنحو والمنطق والبيان والفقه والأصول على يد السيد جواد مرتضى، بعدها هاجر إلى النجف الأشرف مقصد العلماء ومحط ترحالهم لينهل من علومها ويكمل دراسته الحوزوية فيها، فأتم السطوح والبحث الخارج في الفقه والأصول على يد الشيخ محمد طه نجف والحاج آغا رضا الهمداني والآخوند الخرساني وميرزا حسين الطهراني والعلامة شيخ الشريعة الأصفهاني وغيرهم، بعدها أتخذ دمشق محلاً لسكناه، مؤسساً فيها المدرسة العلوية للشباب، لنشر وترسيخ المبادئ والقيم الإسلامية فيهم، ألف الكثير من الكتب التي تنم عن وفرة في المعلومات وثقافة عالية وأطلاع واسع، ومؤلفاته كثيرة يضيق المقام عن ذكرها، نقتصر على ذكر الكتاب الذي نحن بصدد تقديمه (كتاب المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية). أما هذا الكتاب يتألف من أربعة عشر مجلساً مقسمة إلى قسمين سبعة منها تخص الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) مختومة بالمراثي التي قيلت بحقه (عليه السلام)، والسبعة الأخرى تخص الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) كذلك مختومة بالمراثي التي قيلت فيه (عليه السلام)، ويبدأ الكتاب بالقسم الأول والذي يتضمن مجالس الخاصة بالإمام الكاظم (عليه السلام)، فالمجلس الأول يتضمن ولادة الإمام ومدة إقامته مع أبيه وأسم أمه وصفتها وعمره الشريف ويوم استشهاده ومحل دفنه، وعدد أولاده وأسمائهم، كما يذكر فيه الأدوار التي مر بها والسجون التي سجن فيها، أما المجلس الثاني فيتناول صفاته الشريفة، وأطواره وأخلاقه الحميدة، وكذلك صفة ملبسه، والمجلس الثالث يتناول إمامته والنصوص والروايات الدالة عليها، والمجلس الرابع يتناول عبادته وشدة خوفه من الله وكذلك يذكر هذا المجلس سخاء الإمام وبره برحمه وصلته بالناس، وحلمه وكرم أخلاقه وعلمه، أما المجلس الخامس ففيه ما رواه السيد ابن طاوس في مهج الدعوات، بسنده عن واقعة فخ وتوعد الهادي العباسي للإمام الكاظم (عليه السلام) بالقتل، والمجلس السادس تضمن المواعظ والآداب والحكم التي قالها، وأما المجلس السابع فقد ذكر فيه المؤلف سبب سجن الإمام (عليه السلام)، والحال التي قبض فيها، وذكر السجون التي أودع فيها، وحال السجانين وطرق تعاملهم مع الإمام، وأمر الرشيد لبعض عماله القاضي بقتل الإمام، وأمتناعهم عن تنفيذه، وأمر الرشيد للسندي بن شاهك بقتل الإمام، كما و جاء في هذا المجلس ما مر على الإمام الكاظم من أطوار وهو في حالة الاحتضار وأختلاف الروايات في طريقة قتله، وتأتي بعد المجلس السابع المراثي الخاصة بالإمام الكاظم (عليه السلام) وبها تنتهي المجالس الخاصة به. أما القسم الذي يخص الإمام الجواد (عليه السلام) فهو على سبعة مجالس أيضاً، المجلس الأول يبدأ بتعريف الإمام وحاله وألقابه وكنيته والروايات الخاصة بيوم ولادته ووفاته ومحل دفنه ثم يردف على ذكرعمره يوم استشهاد والده وتسلمه للإمامة كما ويذكر في هذا المجلس أسم أم الإمام وكنيتها، أما المجلس الثاني ففيه صفته وخلقه وحليته وفضله وعلمه مع صغر سنه، والمجلس الثالث فيه النص على إمامة الإمام الجواد (عليه السلام)، والروايات الواردة بهذا الخصوص، وأشارة الإمام الرضا إلى تقديمه وتكامل الفضل فيه، والمجلس الرابع تناول المسائل التي طرحها يحيى بن أكثم على الإمام الجواد (عليه السلام)، وإجاباته التي تفضي عن علم واسع رغم ضغر سنه، أما المجلس الخامس فقد أختص بما ورد عنه (عليه السلام) من حكم ومواعظ وآداب، والمجلس السادس فيه انتقال الإمام الجواد(عليه السلام) من المدينة إلى بغداد ونزوله بالقرب من دار المأمون، وكيف أزمع المأمون على تزويج أبنته أم الفضل من الإمام، لما رأى منه فضله وبلوغه كمالات العلم والحكمة والأدب والعقل رغم صغر سنه، ويذكر في هذا المجلس مراسيم التي تزوج بها الإمام من أم الفضل والخطب التي قيلت بهذه المناسبة، وأما المجلس السابع وفيه الروايات والأقوال في كيفية مقتله بالسم على يد المعتصم العباسي واشتراك زوجة الإمام أم الفضل في هذه اللعبة القذرة والجريمة النكراء، وفيه أيضاً وشاية أحمد بن أبي دواد قاضي المعتصم بالإمام، والتي كانت السبب في أغتياله (عليه السلام)، ويأتي بعد هذا المجلس مجموعة من المراثي التي قيلت بحق الإمام الجواد (عليه السلام)، وبها ينتهي تقديم هذا الكتاب وعلى القارئ الكريم المحب للزيادة الرجوع إلى الكتاب ففيه الفائدة الجمة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى