مقالات

الدكتور أحمد راسم النفيس يكتب..نحن نموت…. إلا أن التاريخ لا يموت!!

في معرض تفسيره لأسباب هزيمة حزب العدالة والتنمية في انتخابات اسطنبول يقول الكاتب التركي جنكيز تشاندار. الأدوات التي استخدمها الحزب كانت لها تداعيات شديدة السلبية. ففي الأسابيع الأخيرة، بدأت أجهزة الدعاية في حزب العدالة والتنمية الإشارة إلى الأصول البيزنطية لإمام أوغلو، لكونه يتحدّر من محافظة طرابزون في الشمال التركي على ضفاف البحر الأسود. والحقيقة أن جميع سكان هذه المحافظة هم من أصول بيزنطية، لكنهم اعتنقوا الإسلام وتترّكوا مع مرور الزمن. ليس هذا الأمر سرّاً في تركيا، ولم يسبق أن لُجئ إلى مثل هذه الأساليب في الحياة السياسية والحملات الانتخابية في البلاد. إمام أوغلو استُقبل بتظاهرات تأييد، وهو كان في طريقه إلى المطار عائداً إلى إسطنبول، في مجموعة من مدن الساحل الشرقي للبحر الأسود التي كانت معاقل لحزب العدالة والتنمية. اعتبر السكان في هذه المنطقة أن التذكير بأصولهم قد يكون تمهيداً لاعتماد سياسات تمييز بحقهم شبيهة بتلك المعتمدة حالياً تجاه الأكراد.

ورغم أننا في مصر أصحاب المصيبة والأولى بالبكاء عليها حيث قام السلاجقة أسلاف أردوجان بإسقاط حضارة مصر الفاطمية قبل أن يتفضلوا علينا باحتلال بلادنا بصورة مباشرة لمدة أربعة قرون، إلا أننا ليس فقط قد غفرنا له ولهم، فنحن نشن حملة تسخيف وتسفيه لكل من يذكر هؤلاء الموتى بأنه كان لنا يوما ما حضارة قام هؤلاء الأوباش بالانقضاض عليها ومحوها من الوجود.

الوجه الآخر للإجرام السلجوقي هو محو ما كان يعرف ببيزنطة من الوجود وتسمية تلك البلاد بتركيا وهو اسم لا وجود له في التاريخ قبل تنفيذ هؤلاء الأوباش لجريمتهم المزدوجة بإزالة الدولتين الفاطمية والبيزنطية ليترسخ فراغ سياسي هو الذي منح الغرب هيمنته وتفوقه على العالم وسهل له السيطرة الكاملة على بلادنا وبقي الغز السلاجقة يقومون بدورهم الذي لا يمكن لهم القيام بغيره (سيف الغرب المسلول) ومدمر أي محاولة للنهوض الحضاري لأمتنا المستباحة.

الاحتلال السلجوقي لبيزنطة القديمة احتلال استيطاني قام على محو وجود وهوية السكان الأصليين وهو لا يختلف شيئا عن نظيره الصهيوني!!.

أن يكون (إمام أوغلو) من أصول بيزنطية فهذه منقصة وهي أيضا تهمة لم تسقط بالتقادم، تماما مثل أن يكون لك ميول فاطمية أو تتحسر على محو الحضارة المصرية لأسباب وطنية بحتة، أما أن تنتسب إلى السفاح سليم خان فليس عليك حرج والمشكلة مع العثمانيين الجدد تتلخص في دعمهم لجماعة الإخوان ولو حلت هذه المعضلة فسيصبح كل شيء على ما يرام وسيتفاخر (الجراكسة الجدد) بانتمائهم لسلاطين آل عثمان!!.

التاريخ لا يموت والدليل على ذلك أن الغز السلاجقة يستكثرون فوز أحد أحفاد ضحاياهم بمنصب عمدة اسطنبول، أما نحن فلا نجرؤ على تذكر تاريخنا وإلا انهالت عليك الشتائم والسخائم!!.

الأمة التي لا تستحضر تاريخها خاصة إن كان تاريخا مشرفا هي أمة من الأموات فالناس صنفان موتى بظهر الأرض وآخرون ببطن الأرض أحياء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى