مقالات

العالم إلى أين؟


من ينظر إلى العالم اليوم، ويتأمل فيما يجري فيه من أقوال وتهديدات وأفعال وتعقيدات يشعر برهبة شديدة ويسأل نفسه هذا العالم إلى أين يذهب؟
لماذا كل هذا الشر ينتشر؟
لماذا كل هذه الغطرسة والتجبر والتكبر على بعضنا؟
لماذا الجميع يهدد ويوعد بالحرب؟
ولماذا الكل يرغد ويزبد بالنار والدمار؟
ألا من مساحة للإنسانية، والقيم، والفضائل التي تجمعنا جميعا على صعيد واحد على هذه الكرة الترابية ؟
ألا من منادي بكل هؤلاء البشر أن الله خلق الحياة بالحب لا بالحرب، بالأمن والسلام لا بالنار والدمار؟
ألا من منادي بكل هؤلاء السياسيين الذين ملؤوا الدنيا ضجيجا وعجيجا وتهديدا بالحرب والابادة العامة للحياة كلها، والأحياء برمتها، أن اهؤوا وكفوا نبيحا وعواء فقد أرهبتم وأرعبتم البشر حتى أنكم لا تجدون من ينام بسلام..
ألا من عاقل ينبه كل هؤلاء المجانين؟
ألا من حكيم يوقظ كل هؤلاء السفهاء؟
أيها الناس الخالق تعالى خلق هذه المنظومة وما فيها من مخلوقات، كبيرها وصغيرها، خطيرها وحقيرها، بدقة متناهية، ولكل له مكانه ودوره ومكانته فيها، وسخرها لبعضها لتتكامل الحياة كلها، وجعل الإنسان فيها سيدا وقائدا وكرمه وفضله وأمره بعمارها لا بدمارها، ببنائها لا بتهديمها، بجعلها جنة لا نار وجحيم.
أيها البشر أنتم مسخلفون في الأرض لا أرباب؟
أنتم عبيد أرقاء لله لا أرباب وفراعين متغطرسي متكبرين ومتجبرين على بعضكم البعض، فكلكم من أصل واحد، ومخلوق واحد وإن اختلفت الألوان والأشكال وبعض الصفات فكلكم من آدم وآدمكم من تراب، ومصيركم الى التراب يومًا فلماذا كل هذا التكبر والغرور والاستعلاء على بعضكم؟
أيها الأقوياء في هذا العالم القوة منحة ومحنة فانتبهوا فالقوة لن تدوم، وكما لم تكن معكم من قبل فإنها لن تدوم لكم أبدا، فاليوم أنتم أقوياء وبالأمس كنا وكان حاكمنا يخاطب الغيوم والسحاب.. وأنتم لم تكونوا قد عرفتم في هذه الدنيا..
واليوم أنتم تخاطبون الكواكب وتغزون الفضاء، وأعماق المجرة والمحيطات، وعجزت عن غوص نفسك لمعرفة حقيقتك وما تنطوي عليه من ضعف، وربك يقول: (وخلق الإنسان ضعيفا)
ويقول لك: (ألم نخلقكم من ماء مهين)
أنت بالأمس نطفة نتنة تستقذرها نفسك، وغدا أنت جيفة يستقذها غيرك فيستعجلوا بدسك في التراب وإعادتك إلى أمك وأصلك..
فإذا كنت كذلك بين ضعفين فلماذا الغرور بالقوة؟
وإذا كنت بين قذارتين فلماذا التكبر والعلو في الأرض؟
أيها القوي لا تكن مطية للشيطان الغوي..
أيها القوي مهلا بالضعفاء، واعلم أن عرقة تنتنك، وشرقة تقتلك، فيأتيك الموت بما كان فيه الحياة..
أيها القوي الغوي مهلا فالأرض خلقها غيرك، والذي أعطاك قادر على سلبه منك، واعطائه لغيرك، والذي قواك يضعفك، ويقوي غيرك فيستضعفك، فمهلا مهلا لا تطش جهلا..
يا من تسكنون القصور اليوم مصيركم القبور غداً..
فأعدوا واستعدوا فالحساب عسير والناقد بصير والكل محاسب بعمله، (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)..
وهناك لن تنفعكم القوة، ولا الأموال، ولا الجيوش، ولا أحد من الأعوان، والشياطين فأنت رهين عملك، ومحاسب حتى على النظرة، وشطر الكلمة، فويلكم إذا لم تعرفوا ذلك..
أيها الناس خلقنا للحب والسلام فدعونا نحيا بسلام..

حسين كريمو

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى