مقالات

المراد بأهل البيت عليهم السلام

أهل البيت في اللغة والاصطلاح:  أهل البيت في اللغة: المراد اللغوي لكلمة أهل يحدد بما يضاف اليها، فأهل القرى سكانها واهل الشىء صاحبه، واهل الكتاب قراؤه أو اتباعه وكذلك أهل التوراة واهل الانجيل، وقد ورد بعض هذه الالفاظ في القرآن الكريم. قال تعالى: (وأمر اهلك بالصلاة) ، أي ذوي قرباك ومن يرتبط في النسب.

وقال تعالى: (يا نوح أنّه ليس من اهلك)،  مشيراً إلى ابنه وهو في أهله من حيث النسب، لكنه تعالى اراد أنّه ليس من أهل دينك وملتك والسائرين على.

نسب أو دين. منهجك. واطلقت «أهل» في الكتاب الكريم على اولاد ابراهيم (عليه السلام) وأولاد أولاده، قال تعالى: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت أنّه حميد مجيد).  وذكر الراغب في مفرداته ان أهل البيت صار متعارفاً في آل النبي، تبعاً للنصوص وهم كما حديث الكساء وغيره: محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والامام علي والزهراء والحسن والحسين (عليهم السلام) والذين نزلت فيهم آية التطهير: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) . واهل البيت منحصرة في آل النبي كما تعارف بين المسلمين استناداً لتواتر الروايات وتظافر التفاسير ويطلق عليهم آل النبي أو عترته أيضاً، والآل مقلوب عن الاهل، فيقال: آل الله وآل رسوله، أي اولياؤه، أصلها أهل، ثم .أُبدلت الهاء همزة، فصارت في التقدير أأل، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفاً. واما العترة فالمراد بها أهل البيت (عليهم السلام) كما صرح به ابن منظور، مستدلاً بقوله (صلى الله عليه وآله): «انى تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتى أهل بيتي» قال فجعل العترة أهل البيت.

وقد يطلق مجازاً بأهل الرجل عن امرأته كما قال الزبيدي في تاج العروس: «وفى اعجاز: الاهل للرجل زوجته».

أهل البيت في الاصطلاح: لا شك في أنّ المراد من أهل البيت افراد مخصوصون نصّ عليهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وصرح باسمائهم في موارد كثيرة وفي اماكن متعددة ويدلّنا هذا التأكيد النبوي على هذه الصفوة الطاهرة أن لهم شأناً عظيماً عند الله ومكانة خاصة عند نبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله) . ولقد يتضح ان المراد باهل البيت في لسان الكتاب والسنة المطهرة معنى خاص فالمراد بهم هم: رسول الله (صلى الله عليه وآله) والامام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين إبنا علي بن ابى طالب(عليهم السلام)وهذا ما نطق به القرآن الكريم وما ذكرته السنة النبوية المطهرة وما نقله الصحابة والتابعون ورواة الحديث. وقد ذكر المفسرون والرواة اسباب نزول الآيات المتضمنة لأهل البيت وعرفوا المقصود بها ونحاول في هذا السياق، القاء الضوء على نماذج محدودة في تفسير آي الذكر الحكيم وبيان اسباب نزولها:  آية التطهير: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).

جاء عن ام سلمة أنّه عندما نزلت : (انما يريد الله…) قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: «هؤلاء أهل بيتي».

وعن عائشة قالت: كان أحب الرجال إلى رسول الله ـ تعني الامام على (عليه السلام)ـ لقد رأيته وقد أدخله تحت ثوبه وفاطمة وحسناً وحسيناً ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتى».

يقول المحب الطبري «باب في بيان ان فاطمة وعلي والحسن والحسين هم أهل البيت المشار اليهم في قوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ….).

يقول الواحدي في تفسيره أسباب النزول: عن ابي سعيد الخدري (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس …) نزلت في خمسة في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ويقول القرطبي في تفسيره الجامع لاحكام القرآن في تفسيره الآية المذكورة: «…. ان النبي لما نزلت عليه هذه الآية دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين فعمد النبي(صلى الله عليه وآله) إلى كساء فلفها عليهم ثم ألوى بيده إلى السماء فقال: اللهم هؤلاء أهل البيتى، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» .

ويقول السيوطي: «أهل البيت» قال هم علي وفاطمة والحسن والحسين . ويقول ابن تيمية: عن ام سلمة «ان هذه الآية لما نزلت ادار النبي (صلى الله عليه وآله)كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً». 

ويقول الطباطبائي في تفسيره الميزان: ما ورد في اسباب النزول ان الآية نزلت في النبي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)خاصة لايشاركهم فيها غيرهم، وهي روايات جمة تزيد على سبعين حديثاً يربو ماورد منها عن طرق أهل السنة على ماورد منها عن طرق الشيعة فقد روتها أهل السنة بطرق كثيرة عن ام سلمة وعائشة وابي سعيد الخدري وسعد ووائلة بن الاسقع وابي الحمراد وابن عباس وثوبان مولى النبي وعبدالله بن جعفر وعلي والحسن بن على (عليهما السلام) في تعريب من أربعين طريقاً وروتها الشيعة عن علي والسجاد والباقر والصادق والرضا(عليهم السلام) وام سلمه وأبي ذر وابي ليلى وابي الاسود الدؤلي وعمروبن ميمون الاودي وسعد بن ابي وقاص في بضع وثلاثين طريقاً.

توخياً للاختصار وتجنباً للاطاعة والاسهاب نحاول الاقتصار على ذكر آية التطهير واسباب نزولها وهي تفي بالغرض الذي توخيناه في اثبات المراد بأهل البيت. حب أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن الكريم والسنّة المطهرة  حب أهل البيت عنصر هام ومقوِّم اساسي للايمان وعمل مساهم في ترسيخ العقيدة وتأكيد المبدأ وهو السبيل الذي يديم العطاء الرسالي ويبني الشخصية الإسلامية الالهية. ولقد أكد وحي السماء ونبي الإسلام الأكرم تعميق وتأصيل هذا المفهوم القويم. وسنتاول بشىء من الايجاز بعض آيات كتاب الله التي تظافرت الروايات على نزولها في أهل البيت لتأكيد مودتهم ووجوب محبتهم.

 حب أهل البيت في القرآن الكريم:

1 ـ «قل لا اسألكم عليه أجراً الاّ المودة في القربى» روى الجمهور في الصحيحين واحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس «رحمة الله عليه» قال: لما نزلت «قل لا اسألكم، الآية» قالوا يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: «علي وفاطمة وابناهما».

ووجوب المودة يستلزم وجوب الطاعة والانقياد وقد أستدل الفخر الرازي على ان الآية تدل على وجوب المودة لأهل البيت بثلاثة وجوه فبعد ان روى الحديث عن الزمخشري قال: فثبت ان هؤلاء الاربعة أقارب النبي(صلى الله عليه وآله) واذا ثبت هذا وجب ان يكونوا مخصوصين بمزيد في التعظيم ويدل عليه وجوه: الأول: قوله تعالى: «الاّ المودة في القربى» الثاني: لا شك ان النبي (صلى الله عليه وآله) يحب فاطمة (عليها السلام) قال (صلى الله عليه وآله) «فاطمة بضعة مني يؤذيني مايؤذيها» وثبت بالنقل المتواتر عن رسول الله أنّه كان يحب علياً والحسن والحسين واذا ثبت ذلك وجب على كل الامة مثله، لقوله تعالى: (واتبعوه لعلكم تهتدون).

الثالث: ان الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء فاتحة التشهد في الصلاة، وهو قوله: اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وارحم محمداً وآل محمداً، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل، فكل ذلك يدلّ على ان حب محمّد وآل محمّد واجب.

2 ـ (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً) .

ورد عن جابر بن عبدالله: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن ابي طالب «يا علي قل: رب اقذف المودة في قلوب المؤمنين، رب اجعل لي عندك عهداً، رب اجعل لي عندك وداً» فأنزل الله تعالى: «ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً» فلا تلقى مؤمناً ولا مؤمنة الا وفي قلبه ود لأهل البيت.

3 ـ (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب) .

عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام): ان رسول الله لما نزلت هذه الآية قال (صلى الله عليه وآله): ذاك من أحب الله ورسوله وأحب أهل بيتي صادقاً غير كاذب وأحب المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر الله يتحابون.

4 ـ (من جاء بالحسنة فله خير منها …) .عن الامام أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال: «دخل ابو عبدالله الجدلي على امير المؤمنين فقال له: يا أبا عبدالله الا أخبرك بقوله تعالى «من جاء بالحسنة فله خير منها»؟ قال: بلى جعلت فداك. قال (عليه السلام): الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا، ثم قرأ الآية. 

 حب أهل البيت في السنّة المطهرة:

1 ـ روى الترمذي في صحيحه ان النبي قال: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتى لحبي».

2 ـ وفي حديث صحيح ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ستة لعنتهم لعنهم الله وكل نبي مجاب، الزائد في كتاب الله … والمستحل من عترتي ما حرم الله ….» وقد صححه الحاكم في المستدرك والذهبي في تلخيصه.

3 ـ وروى الترمذي في صحيحه والامام أحمد في مسنده عن علي بن ابي طالب قال: «أخذ النبي بيد الحسن والحسين فقال: من أحبنى وأحب هذين وأباهما وامهما كان معي في درجتي يوم القيامة».

4 ـ وعن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا يحبنا أهل البيت الا  مؤمن ولا يبغضنا الاّ منافق شقي».

5 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أدبوا اولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن.

6 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): «اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي».

7 ـ وفي المستدرك عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد الاّ ادخله الله النار» وقد أقره الحافظ الذهبي في تلخيصه.

8 ـ عن زيد بن أرقم قال: كنت عند رسول (صلى الله عليه وآله) فمرت فاطمة وهي خارجة من بيتها إلى حجرة النبي ومعها ابناها الحسن والحسين وعلي في آثارهم فنظر اليهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: «من أحب هؤلاء فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد ابغضني».

9 ـ وأخرج بن سعد والملاّ في سيرته أنّه قال: «استوصوا بأهل بيتي خيراً فاني أخاصمكم عنهم غداً ومن اكن خصمه أخصمه الله ومن أخصمه الله أدخله النار». 

10 ـ روى الديلمي والطبراني وابو الشيخ بن حبان والبيهقي مرفوعاً أنّه قال: «لا يؤمن عبد حتّى اكون أحب اليه من نفسه وتكون عترتي أحب اليه من عترته وأهلي أحب اليه من اهلي» .

11 ـ روى ابو الشيخ عن علي (عليه السلام) قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى استوى على المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: ما بال رجال يؤذينى في أهل بيتى، والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتّى يحبني ولا يحبني حتي يحب ذريتي». 

12 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اساس الإسلام حبي وحب أهل بيتي». 

13 ـ قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): «لكّل شيء اساس واساس الإسلام حبنا أهل البيت». 

 14 ـ عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: «اشتد غضب الله على اليهود واشتد غضب الله على النصارى واشتد غضب الله على من آذاني في عترتي».

15 ـ قال الامام الباقر (عليه السلام): «حبنا ايمان وبغضنا كفر». 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى