مقالات

حبّ أهل البيت (عليهم السلام) بين الادّعاء والانتماء

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وحبيبه وخاتم انبيائه محمّد وعلى أهل بيته الطاهرين وصحبه المنتجبين. وبعد فإن الله بعث انبيائه لهداية البشر وانقاذهم من الجاهلية وعبودية الذات وارشاد الأمم باتجاه ما يحقق سعادتها في الدارين.

وجاء نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالرسالة الخاتمة ومعجزتها الخالدة كتاب الله وأضاء ربوع الأرض بنور الرسالة الإسلامية السمحاء.

وكان النبي الأكرم الذي لا ينطق عن الهوى قد ارسى معالم واركان الرسالة من أجل استمرارها وديموميتها. ومن مفردات الاستمرار والديمومة لهذه الرسالة المقدسة هو الحب والمودة لآل النبي الأطهار الذين فرضت علينا طاعتهم ومودتهم. وهذا الحب ليس كلمات ترددها الشفاه او شعارات تهتف بها الحناجر أو تخطها المحابر بل هو الالتزام والانقياد والطاعة للنبي الأكرم واهل بيته الأطهار. وحب أهل البيت هو مقدمة للاقتداء والاهتداء والاقتفاء على آثارهم (عليهم السلام). وفي سياق التعاطي مع هذا الحب أفرط قوم وقصر آخرون وكانوا بين طرفي الافراط والتفريط حتّى نشأت تيارات منحرفة من الغلاة والنواصب والمسلمون جميعاً مبرأون من انحرافات وتبعات اولئك الضالين. وقد تبرأ أهل البيت من الغلاة وقالوا بكفرهم وخروجهم عن الإسلام والعبوديّة الحقة لخالق السماوات والأرض. ومن الظلم والاجحاف نسب هذه التيارات إلى الشيعة بحجة اختفاءهم أو اندساسهم وراء هذا المذهب أو ذاك كما أنّه من الخطأ الفادح نسب النواصب المعاندين إلى أهل السنة وان اختفوا وراء أهل السنّة. وبعد ذلك كله ينبغي التمييز الواعي بين الحب والغلو وبين الغلاة وغيرهم من اتباع أهل البيت (عليهم السلام).  تحديد المفاهيم والمصطلحات: غالباً ما يقع الخلاف والنزاع في فهم وتفسير المفاهيم فكثيراً ما يحتد النزاع حول معنى أو مفهوم لو حدد بدقة وشرح بجلاء لأمكن رفع الغموض والضبابية عن كثير من المسائل التي يقع الخلاف فيها. ومن هنا نلحظ ان علماءنا السابقين، علماء المسلمين، يحرصون تمام الحرص على «تحرير موضوع النزاع» في المناظرات والخلافيّات حتّى لا تتأزم الأُمور على غير شيء. وكثيراً ما يشتدّ الخلاف بين فريقين ويعلو الضجيج ويثور العجاج بينهما ثم يتبين في نهاية المطاف ان الخلاف لفظياً وان لا ثمرة عملية تجنى من ورائه. وأهم الأُمور المساهمة في تقريب شقة الخلاف بين المسلمين هي تحديد المفاهيم التي يقع فيها النزاع وبيان مدلولها بدقة وموضوعية. ويبدولي ان ازمتنا الأولى هي أزمة فهم وتفسير هناك خلل واضح في فهم المصطلح وقصور واضح في وعي المفهوم. والاخطر من ذلك هو سعي البعض إلى لي عنق المفهوم وتحريف مساره بعيداً عن مراده الحقيقي في أجل مآرب خاصة ثم يسوق المؤيدات والمؤشرات لتحقيق الغاية التي ينشدها وبالتالي تحتجب الحقيقة وتهتز الرؤية ويغيب المراد الحقيقي في زحمة تعدد المعاني وتشتتها. وقد يقع الخلط والتشوية لكثير من المفاهيم وتصرفها عن معانيها الحقيقيّة ومراداتها الاساسية ويضع المفاهيم في اهتزاز واختلال بمحاولة خاطئة تستبطن افراطاً في التبسيط وسذاجة في الوعي وهذا الواقع المؤسف قد وقع فيه الكثير من المسلمين وربما بعفوية وبساطة مفرطتين لكنهم بحاجة إلى التنبيه والتوجيه اذ فهموا ان حب أهل البيت هو المعنى الساذج المتبادر العرفي إلى اذهانهم من هوى عابر وعاطفة مجردة وتوهموا بان ذلك كاف لتحقيق مقاصد الشريعة والمراد الالهي وتأكدت في هذا السياق مغالطات خطيرة ربما جرأت اصحابها على فعل الموبقات والمعاصي اتكاءً على ما تبادر في أذهانهم من خطأ فادح لمفهوم حب أهل البيت بمعناه الساذج وأنّه الضمانة والحصانة من العذاب الالهي وهذا الفهم بحاجة إلى ترشيد وتهذيب تأكيداً للوعي وتوخياً للحقيقة. كما نجد في هذا السياق آراء واقوال متعددة ومتباعدة في تحديد المراد بأهل البيت في الآيات التي أوردت لفظ «أهل البيت» وكان اغلب تلك الاقوال مناقضة لسبب نزول الآية التي صرحت بوضوح باهل البيت في اغلب التفاسير وكتب الحديث. ومعارضة للسنة الصحيحة المتمثّلة في قول النبي (صلى الله عليه وآله) وفعله وتقريره. ينبغى تحديد المفاهيم والمصطلحات وتأكيد مرادها ومؤداها لكي يتضح البحث ويتوجه بشكل موضوعي بعيداً عن التلاعب بالالفاظ واقحام الالفاظ في غير معانيها الدالة عليها.

اقرأ المزيد على الرابط : https://www.taghrib.org/ar/article/حبّ-أهل-البيت-عليهم-السلام-بين-الادّعاء-والانتماء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى