مقالات

صنيعة الرحمن تقتل بيد الشيطان

قال تعالى في محكم الكتاب العزيز مخاطبا نبيه ورسوله موسى (عليه السلام) : في الآية 41 من سورة طه (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)، أي أن يكون خالصا لله تعالى مؤديا وحييه والرسالة التي كلف بها، وأيدتك بالآيات والحجج التي تنصرك على أعداء الله وأعدائك فضلا عن مكذبيك،

وطلب نبي الله موسى من ربه عز وجل، أن يكون له وزيرا من أهله، يستعين به على أداء رسالته، فأرسل الله تعالى معه أخاه هارون نصيرا، ملبيا دعوة نبيه (عليه السلام)، وهذا الوصي كان يخلف النبي في قومه، ويؤدي عنه ما يجب تأديته.

ثم ان الله تعالى جعل ذريته في صلب الوصي . أما رسول الله محمد المصطفى(صلى الله عليه وآله)، فقد طلب من الله تعالى كما طلب موسى(عليه السلام)، فلبى طلبه فأيده بوزير ونصير من أهله وهو الامام علي(عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مخاطبا عليا (عليه السلام): (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) حين خروجه لواقعة تبوك، وقد خلفه في المدينة يؤدي عنه ما يجب تأديته (عليه السلام)، لأنه الوزير الذي تقع على عاتقه المسؤوليات التي يؤديها النبي، ويتصدى لانجازها بأمره. ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بلغ عن الله تعالى من يخلفه ونص عليهم بالأسماء والصفات، فجعلهم انثا عشر خليفة، تسعة منهم من أولاد الإمام الحسين، يؤدون عن الرسول (عليهم السلام) ما حمّلوا. وكما هو معروف أن لكل نبي، أو وصي، أو مصلح، أو هادي، عدوا من أهله أو من غيرهم، يسعى جاهدا عرقلة وإيقاف المشاريع التي يأتي بها هؤلاء، وعند عدم تمكنه من نيل مراده، يبدأ بتنفيذ مشروع الإقصاء بالقتل العمد، وهكذا جرت سنة الشيطان في أوليائه، وعندما قتل يزيد الإمام الحسين (عليه السلام)، صنيعة الرحمن، بسيف الشيطان، لم يقتله مرة واحدة، بل قتله عشر مرات، وذلك في كربلاء، ثم في المدينة ثلاث مرات، في زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق( عليهم السلام)، وبعدها نحر السجدة الطويلة في بغداد، وكذا نحر الجود على أعتابها_ اعني موسى والجواد( عليهما السلام)_ ، وتشرفت طوس بغريبها_ الرضا(عليه السلام)_ المنحور ظلماً بذاك السيف الذي أعده الشيطان، وثم تقلبت الأهواء حتى هاجت قريحة الأعداء، لتذبح العسكريين في سامراء، وكاد سيف يزيد صنيعة الشيطان ان ينال من مهديها صنيعة الرحمن(عجل الله فرجه الشريف). فكم مرة قتل الحسين (عليه السلام) بسيف الأعداء؟ ما أعظم الإمام موسى(عليه السلام) وهو يقول كلمته ليزيد عصره : ( إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون ) . نعم لقد خسر حزب الشيطان، اندرس ذكرهم في الدنيا، وفي الآخرة عذاب عظيم، وفاز أولياء الرحمن، ثواب عظيم وواسع جنان، ترتفع رايات المجد خفاقة على مقامه، وسطعت الأنوار على قصور أعدائه، وشمخت المنائر بقيمه وصفاته، ولاحت للقريب والبعيد عبقات جواره، ودانت الرقاب على أعتابه، وتقلبت الوجوه على جدرانه. رحم الله دعبل حين يقول : وقبر ببغداد لنفس زكية ***** تضمنها الرحمن في الغرفات .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى