مقالات

فلسفة الشّفاعة

 مرّ بنا فيما سبق «مفهوم» الشّفاعة و«أسانيدها»، ونستطيع من ذلك أن نفهم بسهولة فلسفة الشفاعة على الصعيد الاجتماعي والنفسي.
وبشكل عام وانطلاقا من مفهوم الشفاعة نستطيع أن نتلمس الآثار التالية في المؤمنين بالشفاعة.
«مكافحة روح اليأس» من أهم آثار الشفاعة في نفس المعتقدين بها. مرتكبو الجرائم الكبيرة يعانون من وخز الضمير، كما يشعرون بيأس من عفو الله، ولذلك لا يفكّرون بالعودة ولا بإعادة النظر في طريقة حياتهم الآثمة. وقد يدفعهم المستقبل المظلم إلى التعنت والطغيان، وإلى التحلل من كل قيد تماماً، كالمريض اليائس من الشفاء الذي يتحلل من أي نظام غذائي، لاعتقاده بعدم جدوى التقيد بنظام.
قلق الضمير الناتج عن هذه الجرائم قد يؤدي إلى اختلالات نفسية، وإلى تحفيز الشعور بالانتقام من المجتمع الباعث على تلوّثه. وبذلك يتبدل المذنب إلى عنصر خطر، وإلى مصدر قلق اجتماعي.
الإِيمان بالشفاعة يفتح أمام الإِنسان نافذة نحو النور، ويبعث فيه الأمل بالعفو والصفح، وهذا الامل يجعله يسيطر على نفسه، يعيد النظر في مسيرة حياته، بل ويشجعه على تلافي سيئات الماضي.
والإِيمان بالشفاعة يحافظ على التعادل النفسي والروحي للمذنب، ويفسح الطريق أمامه إلى أن يتبدل إلى عنصر سالم صالح.
من هنا يمكن القول أن الاهتمام بالشفاعة بمعناها الصحيح عامل رادع بنّاء، قادر أن يجعل من الفرد المجرم المذنب فرداً صالحاً. وانطلاقاً من هذا الفهم نجد أن مختلف قوانين العالم وضعت فسحة أمل أمام المحكومين بالسجن المؤبّد باحتمال العفو بعد مدة إن أصلحوا أنفسهم، كي لا يتسرب اليأس إلى نفوسهم بذلك ويتبدّلوا إلى عناصر خطرة داخل السجن أو يصابون باختلالات نفسية.
المصدر : تفسير الأمثل ج1
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى