مقالات

في الإمامة

إمامة إبراهيم عليه السلام (4)

الحلقة: (14)

بقلم: منير عوض

هل من الصواب القول: إن الله لم يستجب لدعاء إبراهيم عليه السلام: (قال ومن ذريتي) أو إن إبراهيم عليه السلام كان غافلا ولم يحدد من هم أهل للإمامة من ذريته من الصالحين؛ ليستدعي ذلك من الله قوله :

( لا ينال عهدي الظالمين )

قطعا لا.

فإبراهيم دعا الله هو يعلم أن الإمامة لا تكون إلا للطاهرين المصطفين وهو لم يطلبها إلا لهم ولم يقصد بها سواهم وجواب الله بالنفي هو بحد ذاته إثبات لعصمة من طلب إبراهيم الإمامة لهم

فلو أن جواب الله كان بقوله : ومن ذريتك أئمة لتوهم الذهن أن الأئمة هؤلاء ليس بمعصومين

وأنهم ربما ممن ألبسوا أو يلبسون إيمانهم بظلم فأراد الله أن يحقق بالصيغة هذه معنيان في غاية الأهمية يريد منا فهمها معا :

1ـ من النفي ( لا ينال ) ينفي الله نيل عهده الذي هو الإمامة للظالمين من ذرية إبراهيم  .

2ـ يثبت الله بالنفي هذا العصمة للأئمة المصطفين من ذرية إبراهيم عليه السلام.

ففي النفي هنا إثبات للإمامة في ذرية إبراهيم من جهة وإثبات لعصمة هؤلاء الأئمة المجتبين من جهة أخرى.

كما التعبير القرآني بالنفي جاء بقصد نفي الإمامة عن أغلبهم فذرية آدم كبيرة وهم كثر ةفي هذا إثبات لإمامة القلة منهم ممن يختارهم الله.

فالله خص إبراهيم بها من بين كافة الناس وإبراهيم أراد من الله أن يخص ذريته بها والله خصص من ذرية إبراهيم الطاهرين الذين هم من عناهم إبراهيم  وهم أصلا من قصدهم بقولة :

( ومن ذريتي ).

وقد بينا هذا حتى لا يتبادر إلى الذهن أن إبراهيم كان يريدها في ذريته حتى الظالمين منهم.

والله في هذه الآية يثبت لنا مدى عدله وعلمه بعباده فهو أعلم حيث يجعل رسالته.

فكما توضح الآية إمامة إبراهيم أيضا توضح لنا أهم وأبرز صفات هذا الإمام فهو ومن دافع إحساسه بأهمية هذا المقام وبحاجة الناس إلى الإمام في كل زمان ليوصلهم إلى الحق وليدلهم على الله سأل الله أن يجعل من ذريته أئمة ليستمر فعل هداية الناس بعد رحيله هو كي لا يحرم الناس من نعمة وجود إمام .

فالإمام لا يهمه نفسه وإلا لكان يكفيه شرف تحقق الإمامة فيه ولا يهمه أيضا ذريته فقط ولكن ما يهمه هو أمر الناس وأمر هدايتهم .

أما طلبه بأن تكون الإمامة في ذريته فليس للاستئثار بها كما يظن البعض ولكن لعلمه بأنها لن تكون إلا في الطاهرين المصطفين وهم من المؤكد من هذه الشجرة النبوية الشريفة التي يشكل نبي الله إبراهيم أحد أغصانها القوية والمثمرة أنبياء ورسل.

وأما قوله تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين )

فنفهم منه التالي :

1ـ بأن العهد هنا هو الذي ينال ولا ينال فهو فاعل وينال بأمر من الله من أراد الله له أن يكون إماما.

ولو قال الله : ( لا ينال عهدي الظالمون ) لكان أمر الإمامة ممكنا بالنسبة للناس متى ما توافرت فيهم شرائطها فهم ووفق هذا التعبير اللغوي من ينالون الإمامة شريطة أن لايكونوا من الظلمة.

ولكن الله أمعن في إيضاح حقيقة أن أمر الإمامة من شأنه هو وحده فهي جعل إلهي وتنصيب منه لا شأن للعباد به حتى نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام.

2ـ في كلمة : ( عهدي ) ما يؤكد المعنى السابق من أن العهد عهد الله ولهذا أضاف الله كلمة العهد إليه فالإمامة من شأنه هو وحده ومن شأنه وحده أن يملكها من شاء.

أمر الإمامة أمر علوي من الله واختيار إلهي بيد الله وحده .

فهو في مطلع الآية الشريفة من أظهر إمامة إبراهيم ومنحه هذا المقام من قبل وخصه به وهو من كما توضح الآية في آخرها من خص الأطهار من آل إبراهيم بالإمامة فالأمر له من قبل ومن بعد وحتى خاصة رسله وأنبيائه ليس لهم من الأمر شيء.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى