مقالات

كربلاء في البانيا

شكلت واقعة كربلاء وتجلياتها أثراً بارزاً وعلامة فارقة في الأدب الألباني والوجدان الشعبي فيها حتى أن الشعائر الحسينية في محرم وصفر تطغى على هذه الأرض وتقام مراسيم الحداد ببكاء صامت تعبيراً عن ملازمة الحزن على الإمام الحسين (ع) بالامتناع عن الماء استذكاراً لشهداء كربلاء الذين استشهدوا وهم عطاشى ويعتبر الألبانيون ذلك من أهم وسائل التعبير عن الحزن العميق.

فهذه الدولة البلقانية التي هي عبارة عن شريط جبلي ضيق يقع على ساحل البحر الأدرياتيكي حفل تاريخها القديم والحديث بالأحداث والصراعات والحروب وهي الدولة المسلمة الوحيدة في قارة أوربا وتجاور كل من يوغسلافيا (سابقاً) واليونان.

ورغم أن ألبانيا دولة صغيرة إلا أن شعبها شعب باسل وشجاع ويمتلك إرادة وصلابة وقد سجل صفحات مشرقة في الكفاح والنضال ضد الاستعمار العثماني واليوناني حتى استعاد حريته ونال استقلاله, ويتكلم الشعب الألباني اللغة الآرية التي تنقسم فيه إلى لهجتين الشمالية والجنوبية وتكثر في اللغة الألبانية المفردات التركية لا سيما في الشمال، أما سكانها فالعنصر الرئيسي في ألبانيا هو الأرنؤوطي إضافة إلى وجود الترك والأفلاق والبلغار واليونان والعرب.

ألبانيا في التاريخ

تشير الأبحاث الانثروبولوجية والتنقيبات الأثرية إلى أن تاريخ الألبان الحضاري والعمراني يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ثم يبدأ تاريخها مع سكانها القدامى (الإليريين) وهي نسبة أطلقت عليهم تعود إلى أليريا وهو الاسم القديم للقسم الغربي والشمالي من شبه جزيرة البلقان.

ويعود أقدم مصدر ذكر فيه الألبانيون إلى القرن الثاني الميلادي حيث ورد ذكرهم في كتاب (الجغرافيا) لعالم الفلك والجغرافي اليوناني كلوديوس بطليموس (100م – 170م) فقد ورد في الجزء الثالث من هذا الكتاب ما نصه: (في أراضي الألبانيين تقع مدينة ألبانوبوليس), ثم يعزو بطليموس أصلهم إلى القبائل الأليرية. وخلال القرون الوسطى أصبح اسم (ألالبانيون) يطلق على هذا المكوّن الجديد ذي الجذور البلقانية العريقة والذي انضم إليه الترك والأفلاق والسلاف والصرب والكروات والبلغار والمقدونيين واليونان والعرب والغجر.

والأليريون شعب ممتزج من العرقين الهندي والأوربي وتعود جذوره إلى الألف الثالث قبل الميلاد ويتكون من قبائل عديدة تخضع لزعيم من قبيلة قوية فيها يتوّج ملكاً عليها وقد بقيت هذه المملكة لعدة حقب وأجيال وتعاقب على زعامتها عدة ملوك كان آخرهم الملك الأليري أگرون الذي كانت عاصمته (شكودرا) التي تعرف حاليا باسم (سكودرا)

وقد تعرضت مملكة الأليريين إلى العديد من الغزوات من قبل اليونان والرومان والاتراك وحفل تاريخهم بالحروب واحتلها الرومان عام (168ق.م) وضموها إلى إمبراطوريتهم وقسموها إلى مقاطعات ومستعمرات رومانية وضم الرومان الجيش الأليري إلى صفوف جيشه وتشعبت القبائل الأليرية فسكنت إحدى قبائله مدينة (دورس) وعملت في التجارة مع شعوب البحر المتوسط 

وقد أطلق على الألبانيين عدة أسماء حيث أطلق عليهم اليونانيون اسم (أرفانيت), واليوغسلافيون اسم (أرباناس), والأوربيون اسم (ألبانيون), وأطلق الألبانيون على أنفسهم اسم (شتشيبتار) حديثا, أما أكثر هذه الأسماء شهرة فهو (الأرناؤوط) والذي أطلقه عليهم الأتراك والبلغار والعرب وقيل: إن أصل هذه الكلمة هو عربي ومعناها (عار أن نعود) وتعزى هذه الكلمة إلى عصر صدر الإسلام وتحديداً إلى زمن عمر بن الخطاب والذي ارتد في زمنه آخر ملوك الغساسنة جبلة بن الأيهم الغساني عن الإسلام وغادر مع قومه إلى بلاد الروم واستقروا هناك فلما قيل لهم ارجعوا إلى بلادكم قالوا لهم (عار أن نعود) فأطلق عليهم هذا الإسم لعدم تمكنهم من نطق العين فكانت تطلق على الألبانيين ــ العرب منهم خاصة ثم أطلقت على الألبانيين بشكل عام. وسواء صحت هذه الرواية أم لم تصح إلا أن مما لاشك فيه أن العرب شكلوا جزءاً مهما من هذه الأمة وحضارتها وخاصة بعد دخول الإسلام إليها.

دخول الإسلام عن طريق الشيعة

يعتقد الألبان بأن الإسلام دخل أرضهم قبل الأتراك بخمسة قرون ــ أي في القرن التاسع الميلادي ــ وهناك من يعتقد إنه دخلها في القرن الأول الهجري وكانوا قبله على دين النصارى الذي أدخله إليهم البيزنطينيون عام (197م) وأخرجوهم به من الوثنية.

وكان من أسباب انتشار وتأصيل الإسلام في ألبانيا أنه دخلها عن طريق الدعوة السلمية التي قام بها الدعاة الشيعة المهاجرون إليها هرباً من بطش السلطتين الأموية والعباسية وكذلك عن طريق التجار وكان من ضمن هؤلاء الدعاة السادة الذين يرجع نسبهم إلى النبي (ص) وهو ما يؤكده الألبان أنفسهم من أن الإسلام والتشيع دخل إليهم معاً وأن كثيراً من السادة العلويين الذين يرجع نسبهم إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) قد استقروا في أرضهم وولد لهم أولاد وأحفاد واندمجوا مع الألبان وأصبحوا منهم عبر الأجيال وكان لهؤلاء السادة العلويين أثراً كبيراً في انتشار الإسلام في هذه الأرض لسيرتهم الكريمة وأخلاقهم الحميدة وكونهم من أبناء الرسول (ص) فوجدوا في السكان استجابة سريعة إلى اعتناق الإسلام.

كما كان من أسباب دخول الألبان إلى الإسلام التخلص من سلطة الحديد والنار التي مارسها البيزنطينيون عليهم حيث أثقلوا الألبان بالضرائب وانتهجوا ضدهم سياسة القهر والاضطهاد فمال الناس إلى سياسة العدل والمساواة التي وجدوها في أحكام الإسلام فانتشر بينهم سريعاً حتى أسلم أكثر السكان فيها وتشكل نسبة المسلمين الآن (70%) من مجموع السكان أما المسلمون الشيعة فيشكلون نسبة 30% من مجموع المسلمين ويسكن أكثرهم جنوب البلاد.

الأدب الشيعي الألباني

أثرى الأدب الشيعي ثقافة هذا البلد وشكل الشعر الشيعي قطباً للشعر الألباني وكان للمراثي الحسينية وحادثة (كربلاء) الدور الأكبر في إنماء المعارف والثقافة لا على الصعيد العلمي والفكري والأدبي فقط, بل على الصعيد الخلقي والروحي.  يقول السيد حسن الأمين في موسوعته دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ج 2 ص 186: (إن الكثير من السكان فيها (ألبانيا) يعتنقون الطريقة البكتاشية كما أن فيهم شيعة جعفرية (إمامية)، والأدب الشيعي يشكل جزءاً مهماً من الأدب الألباني بما فيه من مراث ومدائح لآل البيت (ع)، ومن ذلك ملحمة شعرية للشاعر نعيم بك فراشري (1846 ـ 1900م) في مقتل الحسين (ع) سماها «كربلاء» تعتبر من روائع الأدب الألباني…

ويقول المستشرق الألماني (كارل سوسهيم) في دائرة المعارف الإسلامية في بحث (أرناؤوط): (وطابع المذهب الشيعي ظاهر كل الظهور في الطريقة البكتاشية الألبانية..)

فالأثر الشيعي راسخ القدم والطابع الحسيني (الكربلائي) متجذر في هذه الأرض فقلما تجد شاعراً ألبانياً لم تكن له قصائد في الحسين وكربلاء وخاصة الشعراء البكتاشيين الذين كانوا يزورون المراقد المقدسة في العراق وهم شيعة إمامية كما يقول عنهم السيد حسن الأمين وكما يتضح من طقوسهم وأشعارهم وهم يؤدون الفرائض وشعائر الزيارة للأئمة المعصومين (ع) وهم شديدو التمسك بعقيدتهم وولائهم لأهل البيت (ع) رغم الظروف القاهرة التي مروا بها أبان الاحتلال العثماني واليوناني والحكم الألباني الشيوعي الدكتاتوري.

العهود المظلمة

حاول الغزاة طمس معالم التشيّع والإسلام في البلاد ومارسوا مع الألبان الشيعة شتى أساليب الاضطهاد والقهر وطاردوا علماءهم وزعماءهم وزجوا بهم في السجون وشددوا من قبضتهم عليهم لأن الشيعة كانوا قطب الجهاد والنضال ضدهم من أجل الاستقلال فقاموا بتهديم تكياتهم ومقراتهم وحرقها وإحراق كتبهم ومطاردتهم.

كما مارس الشيوعيون نفس السياسة التعسفية لدى حكمهم للبلاد بعد استقلالها عام (1912) حيث أصدر أحمد زوغو ــ رئيس للجمهورية ــ أمراً بغلق المساجد والحسينيات عام (1920) ثم أصدر قرار بنزع حجاب المرأة عام (1937) وانتهج سياسة اضطهاد العلماء وأدت سياسته الخرقاء إلى رجوع ألبانيا إلى الاحتلال مرة أخرى فاحتلتها إيطاليا الفاشية عام (1939) واتخذها موسوليني معسكراً لقواته لغزو اليونان عام (1940).

ولم تنته معاناة الشيعة بعد انتهاء الحرب وزوال الاحتلال الذي عاث فساداً في الأرض وأهلك الحرث والنسل فقد كتب عليهم أن يعيشوا مرحلة أقسى من سابقتها في عهد الشيوعيين مرة أخرى حيث قام النظام الشيوعي الذي حكم البلاد بإغلاق المساجد وإلغاء المؤسسات الدينية ومحاربة كل ما يمت للدين بصلة وكانت هذه الفترة من أقسى الفترات التي مرت على الشيعة الألبان حيث حكم الشيوعي أنور خوجة أربعين عاماً هدم خلالها (1700) مسجداً، و(200) حسينية ومدرسة دينية، كما حول المسجد الرئيسي الكبير للشيعة إلى متحف، وحول مركز الشيعة الكبير للبكداشية مع الحسينية إلى دار للعجزة، وبعض المساجد الأخرى إلى مستودعات، وأمر بحرق الكتب الدينية. وأصدر قانوناً ينص على منع الاعتقاد الديني والسجن لمدة عشرين سنة لمن يمارس الشعائر الدينية عام 1967م وقد قتل بهذا القانون آلاف المسلمين الأبرياء الذين كان كل ذنبهم أنهم آمنوا بالله ورسوله كما هرب الآلاف بدينهم إلى الدول المجاورة.

ومن أبشع جرائم خوجة إعدامه ثمانية وعشرين رجلاً من عائلة الدكتور داوود جيكو وأقربائه، وهو أحد وجوه الشيعة في مدينة (بريزرن) في كوسوفو لأنهم رفضوا أوامره بالتخلي عن دينهم وجاهروا بتمسكهم بالإسلام.

واستمر هذا الاضطهاد على الشيعة بعد موت خوجة عام (1985) حيث أعقبه في الحكم شيوعي آخر هو رامز عليا والذي انتهت حكومته بسقوط الاتحاد السوفياتي فخلفه أول رئيس ألباني غير شيوعي هو الدكتور صالح بريشا الذي أعاد لألبانيا ملامحها الإسلامية وتنفس فيها المسلمون في عهده الصعداء بعد عقود مظلمة وقاسية فعاد الشيعة إلى ممارسة فرائضهم وشعائرهم بحرية تامة وبنوا المساجد والحسينيات وافتتح الرئيس بريشا بنفسه مسجد الشيعة الكبير (أكبر شهيد) عام (1993) وأعاد ألبانيا إلى باحة الإسلام بجهوده التي تكللت بانضمام ألبانيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي رغم معارضة الدول الأوربية كما كان له انجازات على الصعيد المحلي والدولي وإصلاحات في البلاد على الأصعدة الاقتصادية والسياسية.

ومن النشاطات الثقافية التي قامت بها مراكز الشيعة الألبان بعد زوال الحكم الشيوعي طبع الكتب الدينية التي تعرف المسلم بأحكام دينه منها كتب عن الصيام والصلاة، وعن سيرة المعصومين الأربعة عشر، كما ترجمت هذه المراكز كتب (نهج البلاغة) و(الصحيفة السجادية)، وتفاسير القرآن الكريم وفق منهج أهل البيت (ع) إلى الألبانية

التهم الباطلة

ومثلما عانى الشيعة الألبان على مدى عقود من الظلم والاضطهاد فقد حاول أعداء الشيعة إلصاق الأكاذيب والأراجيف بعقائدهم وشعائرهم اعتماداً على مستشرق جاهل بأبسط المعتقدات الإسلامية ولكنه أصبح عندهم من أهم المصادر لأنهم وجدوا عنده ما ينفس حقدهم على الشيعة وهذا المستشرق هو الألماني (كارل سوسهيم) الذي جرّه جهله إلى رسم صور عن الشيعة الألبان بخيال مشوّه دلت على رقاعته وسخفه يقول في (دائرة المعارف الإسلامية) في بحث (أرنؤوط):

(وطابع المذهب الشيعي ظاهر كل الظهور في الطريقة البكتاشية الألبانية, فهم لا يقسمون بالقرآن, ويعتبرون الجنة والنار من بدع رجال الدين ولا يصومون إلا ثلاثة أيام من رمضان وكذلك يصومون الأيام التسعة الأولى من المحرم) !!

ونكتفي بهذا القدر من التدليس والتزييف الذي ألصقه سوسهيم بالعقيدة الشيعية عند الألبان بدون وازع من ضمير أو رادع من رقيب وقد اتخذ أعداء الشيعة هذا الكذب من المسلمات فروّجوا له وأشاعوه ونترك الرد على هذه الأكاذيب للسيد حسن الأمين الذي ردّ على سوسهيم في موسوعته دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ج 2 ص 186 بالقول:

(من المؤسف إغراق هؤلاء الكتاب الذين تصدوا لإصدار الموسوعات التي تقتضي العلم الغزير والاطلاع الواسع والتدقيق العميق .. من المؤسف إغراقهم في مثل هذا الجهل والافتئات على الحقيقة.

فمن يقرأ كلامه يعتقد أن ما ذكره هو طابع المذهب الشيعي الظاهر على الطريقة البكتاشية ويكفي هذا لوضع (سوسهيم) في صف أجهل الجهلاء في العقائد الإسلامية, إذ لا ذرة من حقيقة في هذا الكلام المؤسف.

وإذا كنا نأسف لأن يتردى محررو دائرة المعارف الإسلامية في هذا وأمثاله ــ وقد ذكرنا شيئاً منه في بحث الأثني عشرية ــ فإن أسفنا ليتضاعف على ما فعله إخواننا الذين ترجموا دائرة المعارف هذه إلى العربية, فقد عمدوا إلى تصحيح ــ أي تثبيت ــ ما ورد فيها من الأضاليل عن غير الشيعة, ولكنهم لم يكلفوا أنفسهم أن يستوضحوا الشيعة عما ورد عنهم, أو يعهدوا لأحد منهم بمراجعة هذه المواضيع والوصول إلى الحقيقة منها)

أما ما أشار إليه السيد حسن الأمين من رده في بحث الإثني عشرية على من ألصق بالشيعة من الأكاذيب بما ليس فيهم فقد جاء في الجزء الأول ص 77 وقد رد به على مزاعم المستشرق (كليمان هيوار) الذي أكثر من الخلط والتخبط في شرح عقائد الشيعة.

الشيعة الألبان

تربطهم بالأئمة روابط روحية عميقة ويجمعهم حب أهل البيت (ع) الذي توارثوه جيلاً عن جيل وقد زينوا مراكزهم البكتاشية بصور تعبيرية لأصحاب الكساء وبقية الأئمة المعصومين (ع) إضافة إلى صور فوتغرافية لمكان غيبة الإمام المهدي (ع) في سامراء كما تقوم هذه المراكز بطبع ونشر كتب تحكي سيرة وحياة المعصومين الأربعة عشر (ع) باللغة الألبانية، وقد تصدرت مركزهم الرئيسي الذي يقع قرب الحسينية الكبيرة لوحة كبيرة كُتب عليها دعاء الفرج.

جبل عباس علي

ويجمع حب أهل البيت الألبان بمختلف طوائفهم الشيعية والسنية والمسيحية ويوحدهم فهذا الحب والعقيدة هو الذي حرر ألبانيا من براثن الاستعمار وخلصها من قيود الشيوعية ومن أروع مظاهر هذا الحب والولاء هو توجههم في يوم محدد من شهر آب إلى قمة جبل (طومور) أو (توموري) الواقع ضمن جبال الألب الألبانية لزيارة مقام ينسب إلى العباس بن علي بن أبي طالب (ع) للتبرك والاستشفاء وقضاء الحوائج ويشارك في هذا الكرنفال الديني شخصيات كبيرة في الدولة بينها رئيس الجمهورية لما رأوه من الكرامات التي تحققت عند هذا المقام

وقد سمى الألبان هذا الجبل بـ (عباس علي) حيث يعتقد أغلبهم أن العباس (ع) قد زار بلادهم ويقولون أن هناك أثراً لحافر حصان وقدم فارس وأثر لعمود راية على حجر في قمة الجبل وهي تعود للعباس (ع) ولا يخفى أن هذه المعلومة غير صحيحة إطلاقاً وهي من نسيج خيال البعض فانتشرت بين الناس.

ويعزو بعض المؤرخين هذا المقام إلى أحد السادة العلويين من ولد العباس (ع), وهناك قول آخر حول هذا المقام وهو إن أحد الألبان زار كربلاء فجلب معه كمية من تراب قبر العباس (ع) إلى ألبانيا عام (1620) للتبرك بها ثم قرر دفنها على قمة هذا الجبل لتعم البركة المنطقة كلها ويأتي الناس للتبرك بها ثم بنا بعض المؤمنين مزاراً على مكان التراب وسمي الجبل باسم (عباس علي) ويأتي إليه الناس طلباً للشفاء وقضاء الحوائج ويوزّعون الطعام على الفقراء.

وفي عام (2013) أقام الفنان البلغاري (ستيفان بوب ديمتروف) تمثالاً تعبيرياً على صخرة مرتفعة قرب مدخل المزار عن شخص العباس (ع) وهو راكب على جواده ويحمل طفلين ليسقيهم من الماء.

الشعائر الحسينية

للأيام العشرة الأولى من شهر محرم أهمية خاصة لدى الألبانيين ففيها لا يشربون الماء إلا قليلاً تأسّياً لما حل بأهل البيت (ع) في كربلاء كما يتجنب الألبانيون في هذه الأيام اللباس الفاخر ويتخلون عن مظاهر الزينة ويتجهون إلى التكيات وهم يرددون في طريقهم يا إمام .. يا إمام، ثم يتجمعون في التكيات لاستذكار فاجعة كربلاء الأليمة بأسى عميق بالغ وهم حريصون على حضور هذه المآتم والإستماع إلى التعزية وقد جرت عادتهم على تقسيم الأيام العشرة الأولى من محرم على ذكرى خاصة لكل ليلة.

ففي الليلة الأولى يقوم الخطيب بسرد قصص من القرآن الكريم حول الأنبياء وما عانوه في سبيل دعوتهم إلى الله كآدم ونوح وإبراهيم وسليمان يوسف وموسى وعيسى (عليهم السلام).

أما الليلة الثانية فتخصص لسيرة حياة النبي محمد (ص) والحديث عن أخلاقه العظيمة وجهاده وحروبه مع المشركين في سبيل إعلاء كلمة الله.

وفي الليلة الثالثة فهي للحديث عن بطل الإسلام أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) وسيرة حياته المليئة بالتضحية والجهاد في سبيل الإسلام حتى سقط شهيداً في سبيل الحق والعدل.

أما الليلة الرابعة فيتطرق الخطيب إلى سيرة الإمام السبط الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) والحديث عن حياته ويختمها بمقتله بالسم نتيجة مؤامرة دنيئة.

أما الليلة الخامسة فهي تخصص للإمام الحسين (ع) والحديث عن حياته الشريفة.

وفي الليلة السادسة يجري الحديث عن هجرته (ع) من المدينة إلى مكة.

وتخصص الليلة السابعة لسفير الحسين الشهيد مسلم بن عقيل (ع) وسرد واقعة مقتله في الكوفة حينما ذهب إليها مبعوثاً من قبل الحسين (ع).

أما الليلة الثامنة فهي مخصصة لمسير الحسين من مكة إلى الكوفة.

وفي الليلة التي تليها وهي الليلة التاسعة فتخصص لوصول الإمام الحسين إلى كربلاء.

ثم تختتم هذه الليالي بـالليلة العاشرة وفيها تسرد واقعة كربلاء الأليمة.

ويعتمد الخطيب في سرد رواياته وأحاديثه حول واقعة كربلاء على المصادر التاريخية التي ذكرت الواقعة، ومع انتهاء هذه المآتم في الليال العشر جرت العادة أن يقدم في التكية طبق من الحلوى يسمى (عاشوراء) وهذا التقليد متبع عند الألبانيين كل عام ويكون إحضار هذا الطبق باحتفال ديني حيث تنشد المراثي الحسينية، وبعدها يتلى دعاء بصوت حزين في جو من الخشوع ثم يبدأ الحاضرون بتناول الحلوى.

أما بالنسبة للمراثي الحسينية فقد أخذت بالتطور والإتساع والتجديد حتى بات الأدب الشيعي وبالخصوص الرثاء الحسيني يشكّل جزءاً مهماً من الأدب الألباني بما فيه من مراثٍ ومدائح لآل البيت (ع) ومن ذلك ملحمة (كربلاء) الشعرية للشاعر (نعيم بك فراشري) (1846 ــ 1900) في مقتل الحسين (ع) والتي تعتبر من روائع الأدب الألباني ونعيم بك فراشري هذا هو شقيق المؤلف الألباني الكبير (شمس الدين سامي بك) (1850 ــ 1904) الذي اشتهر بمؤلفاته العلمية وقد عكف نعيم على كتابة ملحمته كربلاء البالغة عشرة آلاف بيت مابين عامي (1892 ــ 1895) وصدرت سنة (1898) وتعد من أفضل ما أفرز الأدب البكتاشي وقد قسم نعيم ملحمته إلى خمسة وعشرين فصلا.

وقد سبق نعيم في كتابة الملحمة عن كربلاء شاعر هو (داليب فراشري) الذي وضع ملحمته (الحديقة) كما ترجم (شاهين فراشري) (مختارات نامه) وكانت أغلب قصائد المراثي التي تقرأ في التكيات تؤخذ من هاتين الملحمتين.

وإضافة إلى هذه الشعائر فهناك مسرحيات تقام لتمثيل مقتل الإمام الحسين (ع) والأئمة المعصومين (ع) في الساحات العامة وتوجد هناك بعض العادات المميزة كإقامة مسرحيات متعددة تمثّل مقتل واستشهاد الأئمة (ع)، وذلك في الساحات الكبيرة وسط المدن الألبانية، ومن هذه المسرحيات الخاصة بذكرى عاشوراء مسرحية(حسين جندار) وتعني (الحسين المفدى) باللغة الألبانية.

الشعراء الشيعة .. وكربلاء

ارتبط الشعراء الألبان الشيعة بأواصر روحية عميقة مع كربلاء حيث شكلت لديهم أسمى معاني التضحية والفداء من أجل الدين فهاموا بشخصية سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) وكانت عاشوراء هي منبع إلهامهم فاغترفوا منها الصور الشعرية المعبرة عن مدى انصهارهم وإجلالهم وحزنهم لذلك اليوم ومن هؤلاء الشعراء:

1 ــ الشاعر عبد المؤمن:

جاء إلى كربلاء (منتصف القرن السادس عشر) وأقام في خيمة قرب الحضرة الحسينية المقدسة وكان يخدم في الضريح الطاهر وصادف وجوده في كربلاء زيارة السلطان العثماني سليمان القانوني إلى كربلاء وذلك عام (1553م) فطلب من السلطان إيصال الماء إلى كربلاء وبعد اللقاء توجه إلى الفرات وهو يبكي ويقول:‏

يا فرات:

أنا أعرفُ أنّكَ تخجلُ من الذهابِ إلى حضرةِ الإمامِ الحسين،

لأنّه لم يُكتب له حينئذٍ أن يروي عطشَه منك.

الآن .. لا تخجل،

فالحسينُ يريدُ المياهَ ليشربَ الشعبُ منها.‏

2 ــ الشاعر كمال الدين شميمي 

من شعراء القرن الثامن عشر عاش حياة درامية وفارقها بنهاية تراجيدية فقد كان من أقطاب البكتاشية الذين بذلوا جهوداً كبيرة في سبيل انتشارها وكان ينتمي في نسبة إلى السادة من آل الرسول (ص) الذين استقروا في هذه الأرض وكان يضع العمامة الخضراء على رأسه دلالة على علويته ويتنبأ باستشهاده ويتمنى ذلك ليتأسى بمعشوقه الإمام الحسين (ع) وعندما سألوه عن هذه العمامة ومغزاها أجابهم بقصيدة يقول منها:

لا تنظر إلى ثوبي الذي على جسمي‏

ولا تدع الشك يتطرق إليك من هذا الثوب‏

فهو عتيق‏

إلا أنني شديد‏

ففي كل حين تتاح فيه الفرصة‏

سأحارب بقوة شاب‏

كما في كربلاء.‏

شميمي يبدو صغيراً‏

كنقطة في بحر‏

راكعاً دوماً أمام الله‏

سيبدو لك بحراً يغطي العالم‏

آتياً من سلالة علي.‏

والمصادفة العجيبة في حياة هذا الشاعر أنه قد تحقق له ما تنبأ به ففي أحد الأيام كان في تكيته يقرأ في كتاب (حديقة السعادة) وهو في رثاء الحسين للشاعر فضولي البغدادي وكانت النافذة مفتوحة وفجأة دوى أزيز رصاصتين استقرتا في صدره لا يعرف مصدرهما وانبعث الدم منه فسقطت قطرتان من دمه على الصفحة التي كان يقرأ فيها وقد احتفظ أصحابه بهذا الكتاب وظل لفترة طويلة في تكية بابا عاصم في جيروكاسترا ثم فقد.

3 ــ سرسم علي

ولد هذا الشاعر في نهاية القرن 15 وقد كتب قصائد كثيرة في مدح الأئمة (ع) وقد طبع بعضها يقول في إحدى قصائده:

من العالم الذي جبته‏

رجعت عائداً إليكم.‏

فهنيئاً لكم بما أنقذتم به أنفسكم‏

فلديكم طريق (الشاه) وصاحب الطريقة.‏

لا أحد يعرف من هو زعيمنا‏

من هو عظيمنا‏

فذلك يزيد اللعين‏

لا يفهم قط لغتنا‏

فطريقنا الحقيقي يقال له‏

طريق محمد ــ علي‏

ويقصد بـ (الشاه) الإمام علي (ع) أما كلمة يزيد فتعني الشر واللعنة وترمز عندهم إلى كل ما هو قبيح.

وفي قصيدة أخرى يقول سرسم:‏

أعرف أن لديّ نقائص‏

لكن هذا لا يدعوني للخيبة‏

فإزاء جلالته‏

لا يقام ميزان.‏

لا تنظر إلى من يقول الكلمة‏

بل انظر إلى الله‏

الذي يعلّم من يقولها‏

4 ــ الشاعر نصيبي طاهر

ولد في قرية فراشر وزار المراقد المقدسة في العراق وفي طريق عودته إلى ألبانيا كان مروره على مدينة ليسكوفيك وهناك استقبله علماؤها سألوه مسائل دينية فأجابهم عليها بقصيدة طويلة وعندما عاد إلى ألبانيا أسس تكية اشتهرت بنشاطها السياسي والديني, وقد كتب هذا الشاعر كثيراًَ من القصائد باللغات الألبانية والفارسية والتركية وتوفي عام 1835ودفن قرب التكية التي أسسها في فراشر.‏

5 ــ زين العابدين

من شعراء القرن التاسع عشر ولد في مدينة ليسكوفيك والتي أسس فيها تكية عرفت باسمها كتب كثيراً من القصائد باللغتين الألبانية والتركية يقول في بعض قصائده:‏

اقترب، لا تبقَ في الخارج‏

فهذا المكان يسطع فيه النور‏

طهّر جسدك من الداخل بذلك اللون‏

فهذا مركز المصطفى والمرتضى‏

خديجة وفاطمة‏

هما مصدر هذا النور‏

هنا مركز يرشدك‏

إلى المعرفة‏

6 ــ الشاعر عبد الله ملتشاني:

كان لهذا الشاعر نشاط سياسي وقومي كبير وتأثير قوي على الشعراء الذين جاؤوا بعده فاستلهموا منه روحه الدينية والوطنية وقد أسس تكية عرفت باسمه قرب مدينة كورتشا، وفيها دفن بعد عام (1825). أما شعره فيقول من بعض قصائده في مدح النبي محمد (ص):

أنتَ نورٌ على نور‏

في حقكَ ظهر‏

القرآنُ والإنجيلُ، التوراةُ والزبور‏

يقولون لحضرتك: يا شاه‏

ولجمالك: يا نور!‏

7 ــ الشاعر محرم محزوني

من الغريب أن نجد هذا الشاعر قد استخدم التاريخ الشعري العربي في شعره وهو ما يوضح مدى أثر الثقافة العربية المتغلغلة في الأدب الألباني, ومن الغريب أيضا أنه كتب هذا التاريخ لسنة وفاته ويبدو أنه قد شعر بدنو أجله ويستشف من خلال تاريخه الشعري الذي حدده بكلمة (غفور) إلى أنه توفي عام (1867) كما احتوى شعره على كثير من الألفاظ والجمل العربية ومن شعره:

الجهال يقولون‏

عنا مخطئين‏

الحكمة لله!‏

من يرمينا بحجر‏

ندعو له بالقوة!‏

فنحن نرى وجودنا‏

في سبيل الله!‏

نحن لا نعرف الحسد‏

في هذه الدنيا‏

ومن لديه حسد‏

عليه لعنة الله

‏8 ــ الشاعر آدم وجهي

ولد هذا الشاعر في مدينة جاكوفا عام (1841) وكان يتقن العربية بطلاقة إضافة إلى الفارسية والتركية وقد زار المراقد المقدسة في العراق توفي عام (1927) ومن شعره:

استسلمت في الميدان‏

شاهدت نور الوجه،

أي والله !‏

في بحرِ النورِ بقيت‏

ما استطعت أن أفصل نفسي،

أي والله !‏

أتيت برغبة الوجه‏

متلهفاً‏

جئت كالسكران‏

ومع ذلك الحبيب اتحدت‏

9 ــ الشاعر أحمد توراني

ينتسب إلى قرية توران ‏وقد زار المراقد المقدسة في العراق، عام (1908) واشتهر بمراثيه الحسينية ومن شعره:

صحت بصوت قوي:‏

الأمان!

يا حسين الشهيد‏

فمدّ الله القدير‏

يداه وانتشلني‏

أنتم يا أهل المرتضى‏

أرجو ألا تنسوني‏

ألا تنزعوا روحي‏

من سنجق كربلاء !‏

10 ــ الشاعر  ملتش

تميز هذا الشاعر بمزج حسّه الديني وشعوره القومي بعقيدته الدينية وكان من المجاهدين والمتصدين للاستعمار اليوناني الذي أحرق تكيته في بداية الحرب العالمية الأولى عام (1914) وتعرض للمسائلة والملاحقة فهرب من البلاد ومن شعره قصيدة طويلة تضمنت سيرة الأنبياء من آدم (ع) وحتى محمد (ص) ومن شعره أيضاً قوله الذي جمع فيه حبه لوطنه وتمسكه بعقيدته:

ألبانيا للألبانيين‏

بقيت لهم من الجدود‏

وستبقى لهم‏

طالما هم على قيد الحياة‏

الله وهبها لهم‏

فماذا يطلب أولئك الأشرار‏

فحيث يعيش الألباني‏

هناك قبره حيث سيدفن فيه‏

ومن شعره أيضا:‏

لا تبكِ من العذابِ والمعاناة‏

فالحسينُ نفسه قد عُذِّب وعانى‏

فلا تضل الطريق‏

فكل معاناة تقربك أكثر من الحياة‏

هذا الإمام زين العابدين‏

كم عانى في طفولته‏

كان طفلاً طري العود‏

لكنه عرف ما المعاناة‏

11 ــ الشاعر إبراهيم

سار هذا الشاعر على خطى ملتش في أغراضه الشعرية كما شاركه في جهاده الوطني وتعرض للمطاردة والسجن من قبل الأتراك ثم اعتقل من قبل اليونانيين عام 1913 ومن شعره قصيدة له بعنوان (شتاء) وفيها يرمز بالصيف إلى الحرية والاستقلال:‏

ارحل عنا، فالصيف آت‏

سيأتينا صيف مبارك‏

ارحل عنا‏

فالصيف سيمزقك بسيفه‏

إذا وجدك

‏ 12 ــ الشاعر صالح

كان هذا الشاعر إضافة إلى مكانته الأدبية شخصية مرموقة في الأوساط الدينية والاجتماعية ومن رجال النهضة القومية الألبانية وقد بنى في قريته مدرسة من أمواله الخاصة لتعليم الأطفال اللغة الألبانية في الظروف الصعبة التي كانت تعيشها ألبانيا أيام تتريك البلاد كما وضع تكيته لخدمة تعليم الألبانية وتوزيع الكتب التي تأتيه من الخارج فألقي القبض عليه عام (1902) وبقي في السجن لمدة طويلة ترجم خلالها كتاب حديقة السعداء لفضولي وكتب عن هذه الترجمة قصيدة منها:

أقول هذه القصيدة من سجني‏

فقد ألقيَ القبضُ علي‏

لأني أعمل في سبيل لغتي‏

ولأني أريد أن أوقظ الألبان‏

ففي سنة 318 هجرية‏

بدا معاوية في الساحة،‏

في ساحة مدينة فلورا حيث وصلت،‏

والتف حوله الجواسيس‏

ها قد فسدت خططي!‏

وصل الخبر إلى تركية‏

بأني أنشر الألبانية‏

فزجوا بي في السجن.‏

يا صالح! لا تقعد دون عمل‏

خذواكتب من الفضولي‏

فهنا كالعربية والفارسية‏

ما يستحق أن يترجم للألبانية.‏

ويرمز بـ (معاوية) إلى الاستعمار فهذه الكلمة عند الألبان ترمز إلى الشر والفساد

13 ــ الشاعر صالح نيازي

من شعراء بداية القرن العشرين اغتيل عام 1916 ومن شعره:

في محمد علي يكمن السر‏

فدربهما يقود إلى الحق‏

ومنهما ورثنا الحسن والحسين‏

نحن شهداء لشاه كربلاء‏

نقدم رؤوسنا له ولزين العابدين‏

فنحن نسير على خطى محمد الباقر‏

موسى الصدر نور لنا‏

ولنا وصايا التقي‏

فنحن متمسكون بما تركوا لنا

14 ــ الشاعر سليم روحي

ولد عام 1869 عرف بثقافته الواسعة وموسوعيته وكان مولعا بقراءة الكتب في مختلف العلوم وخاصة الدينية والتاريخية والأدبية وبلغ شغفه بالقراءة أنه كان يسافر إلى أسطنبول لشراء الكتب.

دعم الشاعر القوات الغوارية الألبانية التي كانت تقاتل الاستعمار اليوناني فحاول اليونانيون قتله عام (1913) إلا أنه نجا منهم وقد اشتهر بمقولته التي أثارت عزيمة الألبان نحو الاستقلال عندما قال: (نحن اليوم ليس لنا وطن حر، ولذلك لا نستطيع إداء شعائرنا الدينية بحرية. إن هذه تجربة لنا لكي نعرف أنه دون وطن لا يمكن أن يكون لنا دين).

ترك سليم تراثاً ثراً وعطاءً ضخماً من الأدب فلم ينقطع عن كتابة الشعر لأكثر من (25) سنة متواصلة حتى وفاته عام (1944) وكان يكتب باللغتين العربية والألبانية ومن شعره:

نسير على خطى محمد‏

في أحاديثه وأعماله‏

ونتابع خطى أحفاده‏

بأمر من الله‏

لبسنا ثوب الثقافة‏

بذلك الذي عرفناه‏

تابعنا الإمام جعفر‏

بما خلّفه لنا‏

15 ـــ الشاعر علي توموري:

كان يتقن إلى جانب الألبانية والعربية الفرنسية, ولم يقتصر نتاجه الأدبي على الشعر فقط بل زاول الكتابة وأصدر عدة كتب منها (بكتاشيو ألبانيا) نشر عام (1921) و(تاريخ البكتاشية) طبع في تيرانا عام (1929) و(الأدب البكتاشي) جمع فيه قصائد من الشعر البكتاشي من اختياره كما أصدر ديوانا بعنوان (قصائد بكتاشية) ومن شعره في الحسين (ع) قصيدة حملت عنوان (شهيد كربلاء) يقول منها:

ابن فاطمة البتول‏

زهرة رسول الله‏

ترك المدينة‏

وتوجه إلى الله‏

كل من ذهبوا معه‏

عرفوا مصيره في كربلاء‏

لكنه تابع قدره‏

حيث كان ينتظره شاه الرجال‏

اعترض الحر طريقه‏

ففاضت عيناه بالدموع

فقبل يديه وقدميه

لكي يعود من حيث أتى

16 ــ الشاعر أحمد سري:

ونختم أسماء هؤلاء الشعراء بالشاعر أحمد سري الذي كان غزير الانتاج شعراً ونثراً وله كتب في البكتاشية والأدعية ومن شعره:  ‏

محمد وعلي‏

جاءا معاً إلى هذه الدنيا‏

لكي ينوِّرا الإنسان‏

الذي خلقه الله‏

علي وفاطمة‏

خلفا الحسن والحسين‏

اللذيْن بقيا أحياء عند الله‏

كما هو معروف في أرجاء الدنيا‏

وبعد هؤلاء جاء الصالح‏

الإمام زين العابدين‏

وبعده محمد الباقر‏

الذي يشعّ منه الدين‏

ومن جعفر الصادق‏

جاءت للعالم صحوة.‏

 أثر الثقافة العربية على الأدب الألباني

الثقافة العربية متجذرة ومتداخلة مع الثقافة الألبانية وقد دخلت الحروف العربية في كتابة الشعر, ومن أبرز الشعراء الذين كتبوا بالحروف العربية إبراهيم نظيمي, وإسماعيل باشا, وفلابيشي, وسليمان نائبي, وحسين دوبراتشي, وحسن زيكو كامبيري, وحسين شكودرا, وصالي باتا وغيرهم

ويعد حسن زيكو كامبيري أول من كتب عن سيرة النبي شعراً في الأدب الألباني كما كتب بعده عبد الله كونيسبولي وإسماعيل فلوتشي وماجي تشيتشكويا

وقد ترجم مولود النبي للشاعر التركي سيلمان شلبي من قبل بعض الشعراء الألبان ومنهم من أضاف إليه كالشاعر طاهر بوبوفا ونشره في اسطنبول عام 1873 بعنوان منظومة المولود في أفضل موجود وتبعه في ذلك الشاعر علي أولشيناكو الذي طبعه عام 1879

ثم قام الشاعر محمد تشامي بترجمة الأشعار العربية إلى اللغة الألبانية بالحروف العربية وأبرز هذه الأشعار التي ترجمها قصيدة البردة للبوصيري إضافة إلى كتب دينية

ثم قام الشاعر شميمي شكودرا بوضع منهاج لتحديد أبجدية اللغة الألبانية على أسس الحروف العربية حيث وضع قاموسا بذلك عام 1835 ثم قام الشاعر داود بوريتشي بنشر أول كتاب باللغة العربية

ويعتبر كامبيري أول من ضمّن حادثة كربلاء في الأدب الألباني وقد كتب قصيدة طويلة بعنوان معاوية وهو الاسم الذي يرمز إلى الشر أما الشاعر سليمان تيماني فقد كتب قصائد  كثيرة في مدح الإمام علي والحسين لكن أغلب أشعاره فقدت ومن قصائده في مدح الإمام علي:

حين يمتطي علي الدُلدل

تهلع قلوب الكفار من الرعب

أنت صاحب ذو الفقار

الذي يحتقر كل منكر

ويقطع رأس كل كافر

والدلدل هي بغلة النبي التي صارت إلى الإمام علي بعد وفاته (ص)

كما كتب معروف الأرناؤوط روايتين بالحروف العربية الأولى (سيد قريش) تضمنت حياة النبي (ص) وهي بثلاثة أجزاء ضمت (85) فصلا والثانية هي فاطمة البتول

ملاحم آل فراشري

وهي ملاحم داليب وشاهين ونعيم فراشري (حديقة الشهداء, ومختار نامة, وكربلاء) وتعد هذه الملاحم من أروع ما قيل عن معركة الطف واستشهاد الإمام الحسين:

داليب فراشري

تعد ملحمة الشاعر داليب فراشري(حديقة الشهداء) أول وأطول ملحمة في تاريخ الأدب الألباني حيث تبلغ (56) ألف بيت وتدور أحداثها حول واقعة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين (ع) في عشرة فصول استوحاها فراشري من الأيام العشرة الأولى من المحرم وتنتهي بعاشوراء وقد اعتمد القراء في المجالس الحسينية في ألبانيا على هذه الملحمة بعد أن كانت تقرأ في المجالس أشعار ملحمة الشاعر فضولي البغدادي (حديقة السعداء) المترجمة عن التركية.

كتب داليب فراشري ملحمته عام (1842) في محاولة لايجاد ملحمة ألبانية خالصة في رثاء الإمام الحسين (ع) تعبر عن شعور الألبان نحو الواقعة وتقرأ في المجالس الحسينية تضاهي ملحمة فضولي وقد كتبها فراشري بالأبجدية العربية كما كانت كل الملحمة شعراً حتى المقدمة والخاتمة وهو ما يميزها عن ملحمة فضولي التي مزج فيها الشعر والنثر

يقول داليب في بعض ملحمته وهو يصور ما تعنيه كربلاء في أذهان نفوس الألبان:

 ذلك المكان‏

اختاره جناب المنان‏

فقد أراد بنفسه‏

أن يزجّ به في ذلك الميدان.‏

ما عانى منه الملك‏

في ذلك الميدان‏

لا يمكن لأي إنسان أن يعبر عنه‏

مهما أوتي من بيان.‏

من جناب الغفور‏

نزلت آية‏

يا حسين، يا صبور!‏

لا تكن صاحب قسوة‏

وإضافة إلى هذه الملحمة فلداليب قصائد عديدة في حق الأئمة المعصومين (ع) وسيرتهم وبيان فضائلهم 

شاهين فراشري

(مختارات نامه) الملحمة الألبانية الثانية عن كربلاء والتي كانت أغلب المراثي في المجالس الحسينية تؤخذ منها ومن (حديقة الشهداء) وتعني (المختار بن أبي عبيد) الآخذ بثأر الإمام الحسين (ع) وقد ترجم هذه الملحمة عن التركية الأخ الأصغر لداليب فراشري شاهين فراشري عام (1868) وتبلغ (12) ألف بيت وهذه الملحمة كتبت في الأصل باللغة الفارسية ولم تطبع ولكن يوجد منها عدة نسخ مخطوطة في المكتبة القومية بتيرانا.‏

نعيم فراشري

تعد ملحمة نعيم فراشري (كربلاء)من أعظم ما أفرز الأدب الألباني وقد عُني بها الكتاب والنقاد وعدوها قمة من قمم الشعر البكتاشي وبقي صدى أبياتها في أذهان الشعب الألباني لأجيال عديدة لأنها مزجت بين العقيدة الدينية الشيعية والاستلهام من واقعة الطف وبطولة الإمام الحسين وإبائه وتضحياته وبين آمال وتطلعات الألبان نحو الاستقلال فكانت النشيد الوطني العقيدي للألبان الذي عزز من تلاحمهم وتكاتفهم بكافة أطيافهم للدفاع عن الوطن

ولد الشاعر، والكاتب، والمترجم، والصحفي نعيم فراشري عام 1864 في قرية فراشر ــ جنوب ألبانيا ــ وهي القرية التي برز منها أعلام الأدب الألباني الذين كانوا أعمدة النهضة الفكرية والأدبية والسياسية في ألبانيا أمثال: الروائي وعالم اللغات والشاعر والمسرحي سامي فراشري (شمس الدين), وعبدل فراشري وهما أخوا نعيم, وهؤلاء الثلاثة هم أبناء أخ الشاعرين داليب فراشري وشاهين فراشري. ومن شعراء فراشر الذين كان لهم أثر كبير على الثقافة الألبانية أيضا مدحت فراشري, ومهدي فراشري وغيرهم.

النشأة الدينية

كعادة صبيان القرية فقد درس نعيم لدى معلم القرية وكانت اللغة العربية من ضمن المناهج التي تدرّس في ألبانيا منذ دخلها الإسلام فكان لها أثراً كبيراً على نمو الثقافة الألبانية كما كان لانتشار المدارس التي تدرس القرآن والبلاغة فيها عاملاً في انتشار ثقافتها العربية فاكتنزت اللغة الألبانية بالألفاظ العربية وتحولت إلى الحروف العربية وكتب بها العديد من الشعراء.

اتقن نعيم العربية في سن مبكر كما اتقن التركية وبعد اكماله الدراسة الابتدائية في القرية سافر إلى (يانينا) وهي المدينة التي دخل بها المدرسة وتعرف بها على الأدب الفارسي وشغف به وأعجب كثيراً بالفردوسي وسعدي وغيرهما وبعد تخرجه من المدرسة سافر إلى اسطنبول للعمل ثم عاد إلى بلدته وتقلد بها بعض الوظائف

هاجر مع عائلته إلى اسطنبول بسبب الظروف السياسية عام (1882) حيث وضعته السلطات تحت المراقبة بسبب نشاطه السياسي مع أخوية شمس الدين وعبدل وقد كان الأخير من زعماء عصبة بريزرن التي كانت تهدف إلى استقلال ألبانيا عن اليونان وهناك التقى نعيم بأخيه شمس الدين وعمل في وزارة المعارف وخلالها مارس نشاطه السياسي والأدبي وبرز اسمه واشتهرت منجزاته على الصعيدين المحلي والعالمي وأصبح من أعظم ما أفرزه الأدب الألباني على مدى تاريخه من الشعراء وأطلق عليه لقب شاعر النهضة القومية الألبانية وأصبحت أشعاره تتردد على الألسن

 وقد امتاز نعيم بمزج شعوره الوطني في شعره بعقيدته الإسلامية الشيعية حتى عرف بذلك وقد قال عنه الكاتب فايق كونيسا: أن نعيم يستحق أن يعتبر من مؤسسي هذا الدين في ألبانيا.

عكف نعيم على كتابة ملحمته الخالدة (كربلاء) البالغة عشرة آلاف بيت ما بين عامي (1892 ــ 1895) وطبعت سنة (1898) في بوخارست ثم طبعت مرة أخرى في كوسوفو عام (1978). ثم طبعت مرة ثالثة في ألبانيا مع الأعمال الكاملة لنعيم بإشراف الناقد الكوسوفي رجب تشوسيا. وتقع في خمسة وعشرين فصلا

دواوينه

أصدر نعيم إضافة إلى ملحمة كربلاء دواوين هي:

1 ــ تخيلات: وهو أول دواوينه كتبه باللغة الفارسية لتأثره الكبير بالأدب الفارسي وقد صدر هذا الديوان عام (1885)

2 ــ رغبة الألبانيين الحقيقية: وهو عبارة عن قصيدة مطولة يتحدث فيها عن تاريخ الألبان القديم والحديث والمراحل التي مرت بها ألبانيا وقد صدر عام (1886) في بوخارست باللغة الألبانية.

3 ــ قصائد للتلاميذ: في هذا الديوان سعى نعيم لبذر روح الدين وحب الوطن في قلوب الأطفال حيث ضمنه المفاهيم الدينية والوطنية والتي تركت أثرها في نفوسهم وقد صدر هذا الديوان عام (1886) أيضا.

3 ــ الزراعة والماشية: صدر هذا الديوان في نفس العام الذي أصدر فيه ديوانيه السابقين ويعد من أشهر دواوينه بعد الملحمة الكربلائية حيث يصور فيه الطبيعة ويسبح الخالق في شعره على خلقها.

4 ــ أزهار الصيف: تحدث فيه نعيم عن عقيدته وإيمانه بالله وتوحيده كما تضمن الديوان قصيدة اسمها (عباس علي) وهي حول المقام المنسوب للعباس بن علي بن أبي طالب في جبل (طومور) وقد صدر هذا الديوان عام (1890)

5 ــ الفردوس والكلمة الطائرة: صدر أيضا عام (1890) وهو عبارة عن قصيدة مطولة يمجد فيها تاريخ الألبان وبطولاتهم وكفاحهم في سبيل الوطن

6 ـــ دفاتر بكتاشية: عبر فيه عن مفهومه الديني صدر عام (1896)

7 ــ ملحمة كربلاء: وهي أعظم أعماله وتركت صدى واسعا في تاريخ الأدب الألباني صدرت عام (1896).

8 ــ ملحمة اسكندر بك: وهو من رموز التاريخ الألباني.‏ صدرت عام (1896)

9 ــ إلياذة عمر الخيام (الرباعيات) صدرت عام (1899).

10 ــ تاريخ ألبانيا.

ملحمة كربلاء

قسم نعيم ملحمته إلى خمسة وعشرين فصلاً بدأها بالحديث عن تاريخ العرب قبل الإسلام ثم تناول الدعوة الشريفة وسيرة النبي (ص) والأحداث التي جرت حتى وفاته (ص) ثم يتطرق في الحديث عن السقيفة وما تبعها من صراعات حتى مقتل عثمان والبيعة لأمير المؤمنين (ع) فيتحدث عن العدالة والمساواة التي انتهجها (ع) في سياسته وجهاده الناكثين والقاسطين والمارقين ويختمها باستشهاده (ع) على يد ابن ملجم فيقول عن أمير المؤمنين:

هو ما زال حيا إلى اليوم

للمشتاق إليه

ثم يتحدث عن سيرة الإمام الحسن (ع) وغدر معاوية ونكثه الشروط التي تعهد بها لينتقل إلى مبعوث الحسين مسلم بن عقيل والأحداث التي جرت معه في الكوفة وتلقي الإمام الحسين (ع) خبر استشهاده لكن الإمام الحسين (ع) يواصل مسيره نحو الشهادة:

أنا للموت سائر

لكن قضيتي لن تموت

بل سيطالَب بدمي هذا

فالعالم لن ينسى

ثم يذكر أصحاب الإمام الحسين الأبطال الذين استشهدوا واحدا بعد الأخر وهم يقدمون أنفسهم فداء للحسين (ع) ويدعو الألبان إلى تذكر يوم عاشوراء دائما:

فالقلب الذي لا يبكي

ولا يشعر بالأحزان

لا يعرف الإنسانية أبدا

وهنا يقول نعيم للألبان

يا أيها الألبان اذرفوا الدموع

أنتم يا من تؤمنون بعلي

يا من تؤمنون بالإنسان

يا من تحبون الإمام الحسين

والأم فاطمة

والأئمة الإثني عشر

الذين عانوا في سبيلنا

تذكروا ذلك اليوم

تذكروا كربلاء

وما حدث بها

ويربط نعيم قضية الحسين (ع) بقضية الوطن فالحسين خرج من أجل الوطن ومن أجل الإصلاح في المجتمع ولم يسؤه أن يقتل في سبيل هذا الهدف بل ساءه أن تنقلب الأمة على عقبيها وتخذل الدين والوطن:

لا يسوؤني ما جرى لنا

لأن هذا ما كتبه الله

بل يسوؤني ما جرى للوطن

للعهد للدين

والإنسانية

ما أردت في حياتي

أن أقاتل الناس

ما أردت أن أحمل وزر ذبابة

لأقتلها

فكيف أقتل الناس ؟

هذه المجزرة لن تنسى أبدا

بل ستذكر دائما

ستبقى في ذاكرة العالم

طالما طالت هذه الحياة

لا تتركوني حيا

فالحسين أحب الإنسانية والسلام والدين والوطن ودافع عنها وقدم دمه في سبيلها فليقتدي الألباني بالإمام الحسين ويسير على منهجه:

لنحب بني الإنسان

لنحب ألبانيا والألبانيين

لنحب لغتنا ووطننا

فالله قد منحنا إياها

ولكل قوم وطنه

كما للعصفور عشه

ويقول وهو يحض الألبان على استلهام روح البطولة والتضحية والإباء من الإمام الحسين (ع) للدفاع عن وطنهم ودينهم:

يا الله لأجل كربلاء

لأجل الحسن والحسين

لأجل الأئمة الإثني عشر

الذين عانوا ما عانوه في الحياة

لا تدع ألبانيا تسقط أو تمزق

بل لتبقى خالدة

وليكن لها ما تريد

ليبق الألباني بطلا كما كان

ليحب ألبانيا

ليموت في سبيل وطنه

كما مات المختار من أجل الحسين

شعره خارج الملحمة

ما يميز شعر نعيم أن المفهوم الديني والإيمان بالله لم يخرج أبداً من إطار أدبه يقول وهو يبسط هذا المفهوم للأطفال في ديوانه (قصائد للتلاميذ):

إذا أحببت الله‏

فكن إنساناً‏

فمن يحب الله‏

يقم بكل خير‏

ومن يبتعد عن الشر‏

يقترب من الله‏

ويقول في مطلع قصيدة له بعنوان (الإنسانية):‏

ليكن إيمانك بالإنسانية‏

فذلك طريق الله‏

وفي الطبيعة يرى نعيم الله متجلياً في عظمة وجمال ما خلق يقول في ديوان (الزراعة والماشية):

الله خلق الإنسان الأول من يده‏

أنزله على وجه الأرض.‏

جعله سيد الأرض وأوصاه:‏

من هذا الطين خلقتك‏

لا ترهق نفسك‏

ولا تترك نفسك دون عمل‏

مستلقياً على قفاك‏

ليكن دينك الخير والحكمة والعدالة‏

إذا أحسنت لن يعترضك شر في يوم ما‏

وإذا أسأت لا تتوقع خيراً ما‏

والإيمان بالله كان هدفه المنشود في كل قصائده:

نؤمن بالله‏

الذي هو نفسه كل ما نشاهده‏

ونقدس الإنسان‏

إذ نجد فيه الله نفسه‏

صلاتنا في الأخوة‏

في الحب والإنسانية‏

فطريق الله‏

ليس إلا الإنسانية.‏

في قلوبنا نجد الله‏

حيث يحلّ هو‏

فالله حين أراد أن يبدو‏

خلق الإنسان حيث هو نفسه‏

فالإنسان عندما يعرف نفسه‏

يعرف ما الله‏

ولا يفوت نعيم أن يكتب عن (جبل طومور) الذي تقدس بالمقام المنسوب إلى العباس بن علي بن أبي طالب (ع) فكتب قصيدة (عباس علي) التي يجعل فيها ألبانيا سامية ومقدسة بهذا المقام يقول منها:‏

عباس علي نزل تومور‏

جاء بالقرب منا‏

فألبانيا لم تعد مسكينه‏

لأن الله يحبها‏

أيها الملاك الذي اتيتني

جئت من عند الله القادر

لماذا لا تحدثني عن كربلاء ؟

كي أغرق في الدموع

يا ميدان كربلاء !

المتجسد أمام عيني

بدم العباس بن علي الطاهر

ايها الرب العظيم: ما هذه الحكمة ؟

وفي قصيدته (درس) يسكب حبه وولاءه وعقيدته في الأئمة المعصومين شعرا فيقول:

لماذا نحب فاطمة‏

والأئمة الأثنى عشر‏

وعلى رأسهم الحسن والحسين ؟‏

لأنهم كانوا على حق‏

وأصحاب فضل‏

وما أساؤوا لأحد‏

أؤمن بالله قولا وعقيدة

وأؤمن

بمحمد وعلي

وخديجة وفاطمة

والحسن والحسين

وبالأئمة الاثني عشر

فهؤلاء كان لهم وجود وحقيقة

يرجع أصلنا ونسبنا إلى علي

فهو الذي أرشدنا إلى الطريق

جدنا جعفر الصادق

توفي نعيم عام 1900 عن (54 سنة)

محمد طاهر الصفار

المصدر: موقع العتبة الحسينية المقدسة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى