مقالات

لمحة عن الإمام المهدي في سطور

ولد المصلح العالمي المنتظر الإمام الثاني عشر الحجّة بن الحسن المهدي الموعود صلوات اللَّه عليه وعلى آبائه في فجر يوم الجمعة النصف من شعبان سنة مئتين وخمس وخمسين هجرية قمريّة (255 هـ. ق) الموافق لعام 868 ميلادي في مدينة سامراء (1). أبوه هو الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (عليه السلام).

أمه، نسبها ومكانتها:

أمّه السيّدة الكريمة (نرجس) وتسمّى بـ(سوسن) أيضاً، وهي ابنة (يوشعا)قيصر الروم، ومن الأم من نسل (شمعون) أحد حواريّي المسيح (عليه السلام). وكانت نرجس ذات منزلة رفيعة بحيث انّ حكيمة – وهي أخت الإمام الهادي (عليه السلام) والتي تعتبر من أهمّ سيّدات أهل البيت (عليهم السلام) -تخاطبها بقولها: (يا سيّدتي).

وعندما كانت (نرجس) في الروم شاهدت أحلاماً عجيبة،ففي إحدى المرّات رأت في المنام نبيّ الإسلام الأكرم صلى الله عليه وآله والسيّد المسيح عيسى (عليه السلام)، وقد زوّجاها من الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وفي حلم آخر شاهدت أمراً غريباً آخر وهو أنّها قد أسلمت بدعوة كريمة من فاطمة الزهراء (عليها السلام)، لكنها كتمت إسلامها عن أسرتها ومن يحيط بها حتى شبّت المعارك بين المسلمين والروم، وقاد قيصر الروم بنفسه الجيش إلى جبهات القتال. ورأت نرجس في النوم من يأمرها ان تتخفّى مع سائر إمائها وخدمها وتسير مع فئة المقاتلين التي تتحرّك نحو الحدود، ونفّذت ما رأته بدقّة، ولما وصلوا إلى الحدود أُسروا جميعاً على يد بعض الطلائع من جيش المسلمين ومن دون أن يعرف المسلمون أنّ فيهم أعضاء من أسرة قيصر الروم فقد حمل المسلمون الأسرى إلى بغداد.

وقد جرت هذه الحادثة في أواخر مرحلة إمامة الإمام العاشر الهادي (عليه السلام)، وجاء مبعوث من الإمام الهادي (عليه السلام) يحمل رسالة منه مكتوبة باللّغة الرومية وسلّمها إلى (نرجس) في بغداد واشتراها من بائع الإماء وجاء بها إلى الإمام الهادي في سامرّاء، وعندئذ قام الإمام بتذكيرها بتلك الأحلام التي كانت قد رأتها من قبل، وبشّرها بأنّها ستصبح زوجة للإمام الحادي عشر وأُمّاً لولد سوف يسيطر على كلّ العالم ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً. ثمّ ان الإمام الهادي (عليه السلام) أسند شؤون (نرجس) إلى أخته الجليلة (حكيمة ) وهي من كبار سيّدات أهل البيت (عليه السلام)، لتُعلّمها الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية. وبعد مدّة من الزّمن أصبحت (نرجس) زوجة للإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

ولادته (عج):

كان من عادة (حكيمة ) أنّها كلّما زارت الإمام العسكري (عليه السلام) دعت اللَّه أن يرزقه ولداً، وهي تقول: دخلت عليه ذات مرة، فقلت له كما أقول ودعوت كما أدعو، فقال: يا عمّة اما انّ الذي تدعين اللَّه أن يرزقنيه يولد في هذه اللّيلة، يا عمّتاه بيتي الليلة عندنا فانّه سيولد الليلة المولود الكريم على اللَّه عزّ وجلّ الذي يحيي اللَّه عزّ وجلّ به الأرض بعد موتها، قالت حكيمة: ممّن يا سيّدي، ولست أرى بنرجس شيئاً من أثر الحمل، فقال: من نرجس لا من غيرها. قالت: فوثبت إلى نرجس فقلّبتها ظهراً لبطن فلم أر بها أثراً من حبل فعدت إليه فأخبرته بما فعلت، فتبسّم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل؛ لأنّ مثلها مثل أمّ موسى لم يظهر بها الحبل، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى في طلب موسى وهذا نظير موسى (عليه السلام) (يطوي سجلّ حكومة الفراعنة).

قالت حكيمة: فلم أزل أراقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنباً إلى جنب حتى إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها، فصاح الإمام العسكري (عليه السلام) وقال: إقرأى عليها (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَة الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ عليها، وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذي أخبرك به مولاي فأقبلت اقرأ عليها كما أمرني فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما اقرأ وسلّم عليّ. قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت فصاح بي الإمام العسكري (عليه السلام) لا تعجبي من أمر اللَّه عزّوجلّ انّ اللَّه تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً، ويجعلنا حجة في أرضه كباراً، فلم يستتّم الكلام حتى غيّبت عني نرجس فلم أرها كأنّه ضرب بيني وبينها حجاب، فعدوت نحو الإمام العسكري (عليه السلام)، وأنا صارخة فقال لي: ارجعي يا عمّة فإنّك ستجديها في مكانها، قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري وإذا أنا بالصبيّ (عليه السلام) ساجداً على وجهه جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابتيه نحو السماء وهو يقول: (أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له وانّ جديّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأنّ أبي أمير المؤمنين ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى ان بلغ إلى نفسه، فقال (عليه السلام): اللهمّ أنجز لي وعدي وأتمم لي أمري وثبّت وطأتي واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً… ) (2).
الشواهد التاريخيّة الدالّة على وجود الإمام المهديّ عليه السّلام:

وهذه ناحية واسعة تظافرت عليها أرقام تاريخيّة كثيرة جدّاً، نصنّفها في عدّة نقاط:

1 ـ شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السّلام بولادة ابنه الإمام المهديّ عليه السّلام:
وفي ذلك أحاديث كثيرة نقلها أثْبات الشيعة ورواتُهم، ننقل منها:
• الحديثَ المرويّ عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفريّ، قال: « قلت لأبي محمّد عليه السّلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك ؟ فقال: سَلْ. قلت: يا سيدي، هل لك وَلَد ؟ فقال: نعم »(1).

وفي هذا الحديث الكفاية، سنداً ودلالة، فهذه كتب الرجال تشهد بجلالة محمّد بن يحيى أبي جعفر العطّار القمّيّ الذي لا زال قبره إلى الآن معروفاً ومشهوراً يُزار، وتشهد لعلوّ مكانة أحمد بن إسحاق بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعريّ أبي عليّ القمّيّ، عند الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام، وتشهد أيضاً لمنزلة داود بن القاسم بن إسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبي هاشم الجعفريّ.. ثمّ انظرْ إلى قلّة الوسائط في إسناد هذا الحديث، الذي يُعبَّر عن أمثاله بقُرب الإسناد الذي يُعتبر من الشواهد المؤيِّدة للحديث.

2 ـ شهادة القابلة:

وهي أُخت إمام، وعمّة إمام، وبنت إمام، العلويّة الطاهرة « حكيمة » بنت الإمام محمّد الجواد، وأُخت الإمام الهادي، وعمّة الإمام العسكريّ، حيث صرّحت بمشاهدة ولادة الإمام الحجّة المهديّ عليه السّلام ليلةَ مولده(2)، وهي التي تولّت أمر نرجس والدة الإمام الحجّة المهديّ عليه السّلام، وبإذنٍ من أبيه الحسن العسكريّ عليهما السّلام(3).

3 ـ عشرات الشهادات برؤية الإمام المهديّ عليه السّلام:

وهنا قائمة طويلة من الأسماء، ممّن رأى الإمامَ المهديّ عليه السّلام واتّصل به وشَهِد برؤيته إيّاه، سجّلَتْها المصادر التاريخيّة، وجمعها بعض المصنّفين في مصنّفات خاصّة، مثل: ( كتاب تبصرة الوليّ فيمن رأى القائم المهديّ ) للسيّد هاشم البحرانيّ، ذكر فيه ( 79 ) شخصاً شهد برؤية الإمام عليه السّلام في صغره أو في غيبته الصغرى، وذكر أسماء المصادر التي اعتمد عليها في ذلك. وأحصى الشيخ أبو طالب التجليل التبريزيّ زهاءَ ( 304 ) أشخاص ممّن رأى الإمام المهديّ عليه السّلام، وشهد به(4). وأحصى الشيخ الصدوق ( ت 381 هـ ) وكان من غَيبة الإمام المهديّ عليه السّلام قريب جدّاً ( 64 ) شخصاً شهد برؤية الإمام عليه السّلام، وكان كثيرٌ منهم وكلاءَ له عليه السّلام(5)، وهم من مدن شتى.

فمِن وكلائه: من أهل أذربيجان: القاسم بن العلاء. ومن اهواز: محمّد بن إبراهيم ابن مَهْزِيار. ومن بغداد: حاجز البلاليّ، وعثمان بن سعيد العَمْريّ، ومحمّد بن عثمان بن سعيد العَمْريّ، والعطّار. ومن الكوفة: العاصميّ. ومن قمّ: أحمد بن إسحاق. ومن نيسابور: محمّد بن شاذان. ومن همدان: البسّاميّ، ومحمّد بن أبي عبدالله الكوفيّ الأسديّ، ومحمّد بن صالح.

أمّا مَن رآه عليه السّلام من غير الوكلاء، منهم: من أهل اصفهان: ابن شاذان. ومن اهواز: الحُصَينيّ. ومن بغداد: أحمد بن الحسن، وإسحاق الكاتب من بني نَوْبخت، وأبو عبدالله الخيبريّ، وأبو عبدالله بن فرّوخ، وأبو عبدالله الكِنديّ، وأبو القاسم بن أبي حليس، وأبو القاسم بن دبيس، ومسرور الطبّاخ مولى أبي الحسن عليه السّلام، والنيليّ، وهارون الفَزاريّ. ومن الدينَوَر: أحمد بن أخي الحسن بن هارون، وعمّه الحسن بن هارون. ومن الريّ: أبو جعفر الرفّاء، وعليّ بن محمّد، والقاسم بن موسى، وابن القاسم بن موسى، وأبو محمّد بن هارون، ومحمّد بن محمّد الكلينيّ. ومن قزوين: عليّ بن أحمد، ومرداس. ومن قمّ: الحسن بن النَّضْر، والحسين بن يعقوب، وعليّ بن محمد بن إسحاق، ومحمّد بن إسحاق، ومحمّد بن محمّد. ومن مصر: أبو رجاء. ومن نصيبين: أبو محمّد بن الوجناء النصيبيّ. ومن همدان: جعفر بن حمدان، ومحمّد بن كشمرد، ومحمّد بن هارون. ومن اليمن: ابن الأعجميّ، والجعفريّ، والحسن بن الفضل بن يزيد، وأبوه الفضل بن يزيد، والشمشاطيّ. كما ذكر أيضاً مَن رآه من أهل شهرزور، والضيمرة، وفارس، وقابس ومَرْو.

4 ـ تعامل السلطة العباسيّة مع الحدث:

لقد تعاملت السلطة العبّاسيّة بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام مع عائلته تعاملاً يدلّ على خيفتها من مولودٍ خطير خَفِيَ عنها، فراحت تبحث عنه بكل ما أُوتيت من وسيلة وقدرة، حيث أمر المعتمد العباسيّ المتوفّى سنة ( 279 هـ ) شرطته بتفتيش دار الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام تفتيشاً دقيقاً والبحث عن الإمام المهديّ عليه السّلام، وأمر بحبس جواري أبي محمّد العسكريّ عليه السّلام، واعتقال حلائله يساعدهم على ذلك جعفر الكذّاب، وأجرى على مخلّفي أبي محمّد عليه السّلام بسبب ذلك كلَّ عظيمة، من: اعتقال، وحبس وتهديد، وتصغير، واستخفاف وذلٍّ(6).

كلّ هذا والإمام المهدي عليه السّلام في الخامسة من عمره الشريف. ولا يهمّ المعتمدَ العمرُ بعد أن عرف أنّ هذا الصبيّ هو الإمام الذي سيهدّ عرش الطاغوت؛ لِما شاع وانتشر من الخبر بأنّ ثاني عشر أهل البيت عليهم السّلام سيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما تُملأ ظلماً وجوراً، فكان موقفه من المهديّ عليه السّلام كموقف فرعون من موسى عليه السّلام، فألقَتْه أُمّه ـ خوفاً عليه ـ في اليمّ صبيّاً.

ولم يكن المعتمد العباسيّ وحده قد عرف هذه الحقيقة، وإنّما عرفها مَن كان قبله كالمعتزّ والمهتدي، ولهذا كان الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة الإمام المهديّ عليه السّلام إلاّ بين أفراد منتخَبين مِن شيعته ومواليه.

لقد كان تصرّف السلطة كاشفاً عن أنّها وسائر الناس قد أدركوا تماماً أنّ حديث جابر بن سَمُرة بالمهدويّة لا ينطبق عليهم ولا على مَن سبقهم من أُمويّين، وإنما مصداقه الوحيد هم أهل بيت النبوّة، ومهبط الوحي والتنزيل، وإلاّ فأيّ خطر يهدّد كيانهم في صبيٍّ لم يتجاوز عمره خمس سنين، لو لم يعتقدوا أنّه هو المهديّ المنتظَر الذي تحدّثت عنه الأحاديث المتواترة ؟!

يقول أحد الباحثين: ولو لم يكن مولوداً حقّاً، فما معنى حبس الجواري وبثّ القابلات لتفتيش مَن بهنّ حَمْل، ومراقبتهنّ مدّة لا تُصدَّق؛ إذ بقيت إحداهنّ تحت المراقبة لمدة سنتين! كلّ هذا مع مطاردة أصحاب الإمام العسكريّ عليه السّلام والتشنيع عليهم، مع بثّ العيون للتجسّس عن خبر المهديّ عليه السّلام، وكبس داره بين حين وآخر.

ثمّ ما بال السلطة لم تقتنع بما زعمه جعفر من أنّ أخاه عليه السّلام مات ولم يخلّف ؟! أمَا كان بوسعها أن تُعطيَه حقَّه من الميراث وينتهي كلُّ شيء من غير هذا التصرُّف الأحمق الذي يدلّ على ذعرها وخوفها من ابن الحسن عجل الله تعالى فرَجَه الشريف ؟!

نعم، قد يُقال بأنّ حرص السلطة على إعطاء كلّ ذي حقٍّ حقَّه هو الذي دفعها إلى التحرّي عن وجود الولد، لكي لا يستقل جعفر بالميراث وحده بمجرّد شهادته!

فنقول: ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أن تتحرّى عن هذا الأمر بمثل هذا التصرّف المُريب، بل كان على الحاكم العباسي أن يحيل دعوى جعفر الكذّاب إلى أحد القضاة، لا سيّما وأنّ القضيّة من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كلّ يوم مرّات، وعندها سيكون بوسع القاضي أن يفتح محضراً تحقيقيّاً، فيستدعيَ مَثَلاً عمّة الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام، وأُمَّه نرجس، وجواري الإمام، والمقرّبين إلى الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام من بني هاشم، ثمّ يستمع إلى أقوالهم، ويثبّت شهاداتهم، ثمّ يُنهي كلَّ شيء. ولكنّ وصول هذه القضية إلى أعلى رجل في السلطة، وبهذه السرعة ولمّا يُدفَن الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام، وخروج القضيّة عن دائرة القضاء مع أنّها من اختصاصاته، ومِن ثَمّ تصرّف السلطة الغاشمة على نحو ما مرّ، كلُّ ذلك يقطع بأنّ السلطة كانت على يقين بأن المهديّ الموعود هو الحلقة الأخيرة من حلقات السلسلة المطهّرة التي لا يمكن أن تنقطع بوفاة الإمام الحادي عشر عليه السّلام، خصوصاً بعد أن تواتر لدى الجميع قولُه صلّى الله عليه وآله: « وإنّهما ـ أيّ: الكتاب، والعترة ـ لن يفترقا حتّى يَرِدا علَيّ الحوض »، ومعنى عدم ولادة المهديّ عليه السّلام، أو عدم استمرار وجوده، انقراض العترة، وهذا ما لا يقوله أحد ممّن تسمّى ( بإمرة المؤمنين ) من العباسيّين؛ لأنّه تكذيب لنبيّنا الأعظم صلّى الله عليه وآله، بل لا يقوله أحد من المسلمين إلاّ من هان عليه أمر هذا التكذيب، أو مَن خدع نفسه بتأويل حديث الثقلين وصرَفَ دلالته إلى ما لم يأتِ به سلطانٌ مبين »(7).

5 ـ اعترافات علماء السنّة بولادة الإمام المهديّ عليه السّلام:

قال السيّد ثامر العميديّ في هذا الصدد:
« بلغت اعترافات الفقهاء، والمحدّثين، والمفسّرين، والمؤرّخين، والمحقّقين، والأُدباء والكتّاب من أهل السنّة أكثر من مائة اعتراف صريح بولادة الإمام المهديّ عليه السّلام، وقد صرّح ما يزيد على نصفهم بأنّ الإمام محمّد بن الحسن المهديّ عجّل الله تعالى فرَجَه الشريف، هو الإمام الموعود بظهوره في آخر الزمان.

وقد رُتّبتْ هذه الاعترافات بحسب وَفَيات أصحابها، فوجدناها متّصلةَ الأزمان، بحيث لا تَتعذّر معاصرة صاحب التصريح اللاّحق، لصاحب التصريح السابق، وذلك ابتداءً من عصر الغيبة الصغرى إلى وقتنا الحاضر، وسوف نذكر أقوال بعضهم حيث وقفنا عليها في مصادرهم ريثما يأتي دَورُهم، مع الاكتفاء بذكر أسماء الآخرين فقط دون التعرّض لأقوالهم؛ لتعذّر تسجيلها؛ حيث بلغت أقوال تسعة وعشرين واحداً منهم في كتاب إلزام الناصب ما يزيد على مائة صحيفة(8)، فكيف الحال مع تسجيل أقوالهم كلّهم ؟ على أنّ ما سنذكره في المتن دون الإشار إلى مصدره في الهامش، هو دليل أخْذِنا ذلك من كتب الشيعة الإماميّة التي سبقت إلى هذا المجال مع اعتنائها بتسجيل رقم الجزء، ورقم الصحيفة مع مكان وسنة الطبع؛ ولعلّ من أوسعها في هذا الباب كتاب « المهديّ المنتظر في نهج البلاغة » للشيخ مهديّ فقيه إيمانيّ، حيث ذكر فيه مائةً ورجلين من رجالات أهل السنّة الذين اعترفوا بذلك(9)، مكتفياً بذكر أسمائهم ومصادرهم بأجزائها وصحائفها دون التعرّض لأقوالهم، وربّما اضطُرّ إلى تعيين واسطته إليهم بدقّة، وقد فاته ما يقرب من ثلاثين اسماً، وكان جلّ اعتمادنا عليه، ولم نستدرك عليه شيئاً؛ لأنّ ما فاته سبقني إليه غيري(10)، حتّى عاد دَوري في هذا الدليل مقتصراً على الجمع والترتيب بحسب القرون »(11).

ثمّ ذكر أسماء ( 128 ) مصنَّفاً من مصنَّفات أهل السنّة ذكرت الإمامَ المهديّ عليه السّلام في كتابٍ من كتبه بعنوان: الإمام الثاني عشر من ائمّة أهل البيت عليهم السّلام.. منهم مَن عاصر الميلاد والغيبةَ الصغرى، ولشهاداتِ هؤلاء قيمتُها التاريخيّة المعروفة، ومِن بينهم:
1 ـ أبو بكر الرُّويانيّ، محمّد بن هارون ( المتوفى سنة 307 هـ ) في كتابه ( المُسند ).
2 ـ أحمد بن إبراهيم بن عليّ الكنديّ، من تلامذة ابن جرير الطبريّ المتوفّى سنة ( 310 هـ ).
3 ـ محمّد بن أحمد بن أبي الثلج، أبو بكر البغداديّ ( المتوفّى سنة 322 هـ ) في ( مواليد الأئمّة )، وهو مطبوع ضمن كتاب ( الفصول العشرة في الغَيبة ) للشيخ المفيد، ومع كتاب ( نوادر الراونديّ ) ـ طبعة النجف الأشرف سنة ( 1370 هـ ). وممّن هو قريب العهد به من الأعلام الكبار: الخوارزميّ ( المتوفّى سنة 387 هـ ) في ( مفاتيح العلوم 32 ، 33 ) ـ طبعة ليدن، 1895م.

المصدر: وكالة ابنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أصول الكافي 1: 514، الارشاد للمفيد: 326، وفي بعض الروايات ان الإمام (عليه السلام) قد ولد سنة 256 ق، ليرجع من شاء إلى كمال الدين 2: 97، بحار الأنوار 51: 15.

(2) راجع خبر ولادة الإمام المهدي في الكتب التالية: كمال الدين 2: 100 – 90، والغيبة للشيخ الطوسي: 124، وبحار الأنوار 25 – 12: 51، واضافة على المصادر والكتب الشيعية، لقد نقل هذا الخبر وتاريخ الولادة جمع من علماء أهل السنّة منهم ابن صبّاغ المالكي (المتوفى في 855 ق) في كتابه الفصول المهمّة، في معرفة الأئمة واكتفى بذكر تاريخ الولادة اليافعي (المتوفى 768 ق) في كتابه مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان.
————————————–
1 ـ أُصول الكافي للشيخ الكلينيّ 328:1 ـ كتاب الحجّة، باب الإشارة والنصّ إلى صاحب الدار.
2 ـ أُصول الكافي 330:1 ـ كتاب الحجّة، باب تسمية مَن رآه عليه السّلام.
3 ـ كمال الدين للشيخ الصدوق 424:2 ـ الباب 42.
4 ـ مَن هو المهدي لأبي طالب التجليل التبريزيّ 460 ـ 506.
5 ـ كمال الدين للشيخ الصدوق 442:2 ـ الباب 43، وبحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 30:52 ـ الباب 26.
6 ـ الإرشاد للشيخ المفيد 336:2.
7 ـ دفاع عن الكافي ثامر العميديّ 567:1 ـ 568.
8 ـ إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب ( عُجِّلَ فرجه ) للشيخ عليّ اليزديّ الحائريّ 321:1 ـ 440.
9 ـ المهديّ المنتظر في نهج البلاغة للشيخ مهدي فقيه إيمانيّ 16 ـ 30.
10 ـ الإمام الثاني عشر للسيّد محمّد سعيد الموسويّ 27 ـ 70، وقد استدرك عليه ثلاثين رجلاً من أهل السنّة ـ كما في هامش المصدر 72 ـ 89؛ المهديّ الموعود المنتظر عند أهل السنّة والإماميّة للشيخ نجم الدين العسكريّ 220:1 ـ 226.
11 ـ دفاع عن الكافي 568:1.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى