مقالات

موالاة أهل البيت “عليهم السلام” طريق الهداية

لقد شاء الله تعالى حسبما اقتضته حكمته البالغة أن يجعل لكل مُسبَّب سببا, ولكل معلولٍ علة, ولا يخفى على الجميع غائية الخلق وهدف الإيجاد, وما هي إلا المعرفة والعبادة, قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ,

وكما حدّد الله سبحانه الهدف فقد حدَّد الوسيلة إليه أيضا, فجعلها في أهل بيت النبوة والعصمة (عليهم السلام), فهم الوسيلة إلى الله تعالى,

والمفروض أن تتمتّع هذه الوسيلة بسمات وخصائص ليست في الوسائل الأخرى (هذا على فرض مصداقية الطرق الأخرى وتماميتها), ومن الممكن الإشارة إلى بعض ما سنح للخاطر من الخصائص التي اشتمل عليها أهل البيت (عليهم السلام)على سبيل الاختصار, أولا: تتمتع هذه الوسيلة بالتجسيد الكامل للفرامين الإلهية من دون زيادة أو نقصان, وذلك بالممارسة الدقيقة لكل ما أمر الله به, والانتهاء عن كل الزواجر والنواهي, بل ويتعدى الأمر إلى المستحبات والمكروهات أيضا(وهذا معنى العصمة الكبرى), وبهذا يتأتى لها أن تكون قدوة للمقتفي و أسوة للمهتدي, ثانيا: اختصار العامل الزمني والتسريع في الوصول إلى الهدف المنشود, على الخلاف من سائر الطرق الأخرى, يؤيّد ذلك الكثير من الشواهد التاريخية حيث تاه الطالبون للمعرفة وأهل السير والسلوك في متاهات سحيقة وصرفوا لها أعزّ ساعات العمر الثمينة, من دون العثور على ما يشفي الغليل, إلا من شملته العناية الربانية حينما أرشدتهم إلى واضح الطريق المتمثل بآل محمد (عليهم السلام), لأنهم الأدلاء على الله ومحالّ معرفة الله, ثالثا:ضمانة الوصول للهدف الأسمى, فالمتتبّع لأوامر أهل البيت (عليهم السلام) وإرشاداتهم يضمن الوصول إلى الله تعالى, والحصول على رضاه و ستغنيه إرشاداتهم ( عليهم السلام) عن مثيلاتها الماثلة في بقية الأديان أو المذاهب الأخرى, وغير ذلك من الخصوصيات التي انحصرت في أهل بيت النبوة فميّزتهم عن كل من سواهم وعداهم, وبعد الاطلاع على ما تقدم و بعد العلم بأن الأخذ والعمل بأوامرهم وإرشاداتهم هو النهج للوصول إليهم, وبالتالي الوصول إلى الله سبحانه, نلفت النظر إلى أمر آخر غير ما ذُكر يستنبط من التدبّر في آي الذكر الحكيم والجمع بين الآيات المباركة, خلاصته أن مودتهم وحبّهم وموالاتهم مقدمة للهداية و سبب للوصول إليهم, بمعنى أنه يجرُّ إلى الهداية والتوفيق لسلوك طريق الهداية, فهو سبب وثيق, وعروة وثقى, وما أُشير إليه هو محصّل الجمع بين ما يلي من الآيات الشريفة, قال تعالى (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى), وقال أيضا (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ), وقوله سبحانه (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) , فجعل سبحانه أجر الرسالة المودة إلى القربى وهم أهل البيت (عليهم السلام), ثم إن المودة أثمرت الهداية والتكامل والتقوى و الفضيلة، ومن هنا يفهم معنى ما ورد عن رسول الله في فضائل أهل البيت(عليهم السلام) كحديث الثقلين وحديث السفينة والمنزلة وغيرها من الأحاديث المضبوطة في كتب الفريقين والمتفق عليها, وإلى فضائلهم الجمّة وخصائصهم النادرة أشار الشاعر قائلا: هم الراقون فــــي أوج الكمـــال وهم أهل المعارف والمعـالي وهم سفن النجـــــاة إذا ترامــت بأهل الأرض أمواج الضلال

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى