مقالات

نصيحة لطلاب الجامعات

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نريد نصيحتكم حفظكم الله للشباب والشابات الذين يدرسون في جامعات مختلطة بين الشباب والشابات..

ونسألكم الدعاء..

الجواب:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فإنني أشير في البداية إلى الحديث الشريف الذي يقول:

طلب العلم فريضة على كل مسلم.. ولكي أثير ملاحظة توضيحية هي: أنه لا بد من تحديد طبيعة هذا العلم الذي قال عنه المعصوم: إنه فريضة بالفعل.. ثم تحديد إن كانت الوسيلة لطلبه مشروعة، أم غير مشروعة..

وإذا كانت غير مشروعة، فهل الأمر ينحصر بها؟!.. وحين ينحصر بها، هل يبقى طلب هذا العلم واجباً أيضاً؟!..

وبعد التأكد من مشروعية ذلك كله، فإنه يأتي دور السلوك والممارسة، والتعاطي مع الواقع الذي يواجهه طالب العلم الجامعي، وربما يواجه الأخطار في أكثر من مجال، ومنها الخطر في المجال الفكري، والخطر على الأخلاق، وعلى السلوك، وعلى المفاهيم.. وما إلى ذلك، حيث يحتاج كل منها إلى نوع من الإعداد والاستعداد الذي يناسبه..

وفي جميع الأحوال نقول: إنه في المجالات العلمية، لا بد من بذل الجهد للحصول على أفضل النتائج علمياً، حيث يكون الهدف هو التسلح بالمعرفة والعلم، لا بالشهادات، والأوسمة الإستعراضية.. والتي قد يتم الحصول عليها بطرق غير مناسبة..

كما لا بد أن يكون الطموح إلى نيل أعلى المراتب والدرجات، فلا يقتصر على مرحلة من شأنها أن تمنحه فرصة الحصول على حياة مريحة من الناحية المادية، ولا شيء أكثر من ذلك..

كما أنه لا بد من أن يشغل نفسه بالعلوم النافعة، والأساسية التي لها تأثيرها ومحوريتها في بناء الحياة بصورة صحيحة وسليمة.. وتفيد في التأسيس لمستقبل قوي ومنسجم ومتناغم مع طبيعة الطموحات الكبيرة، وقادر على تحقيق النتائج الحاسمة، والهامة، والخطيرة..

وفي مجال العلاقة مع الآخرين، فإنها إن لم يمكن أن تكون إيمانية، بسبب الاختلاف في قضايا الإيمان، فإنها لا بد أن تكون إنسانية منضبطة في حدود الشرع والدين، ومحكومة بثوابت إيمانية، وأخلاقية، تنطلق من الفطرة، وتغذي الروح الإنسانية، وتنعش القلب والإحساس بنفحاتها.. وتبهج المشاعر وتروِّحها بنسماتها..

فلا تكون علاقة تسيرها الغريزة، وتحكمها الأنا، وتهيمن عليها روح العبث والهوى.. بل تكون على مستوى من الشعور بالنبل والكرامة، وبالعزة، وضمن فروض المسؤولية الشرعية، والأخلاقية والإنسانية..

وحين لا بد من الدخول في مجالات الوعي والثقافة، فإنه لا بد من الحفاظ على طهر الفكر، وعفة الضمير، في المجالات العلمية، والمعرفية، فلا يختار إلا ما هو حق.. ولابدّ أن يتجنب الدخول في المتاهات، وفي ظلم الشبهات، فإنها مصائد الشيطان.. حيث يتمكن بحيله، وخدعه، وتسويلاته، من أن يخلط الحق بالباطل، ويهيء للباطل صبغة تجعله يشبه الحق، ويشتبه به..

وهذا يحتم الابتعاد عن الدخول في تلك المتاهات، والتحصن من الوقوع في غياهب تلك الظلمات، فلا يسير إلا على المحجة الواضحة، ولا يختار سوى الطريق المستقيم اللاحب.. حيث المنارات ظاهرة، والبراهين قاهرة، وحيث يتم وضع القواعد الصحيحة، ببيانات صريحة، لا لبس فيها، فلا يتداول ولا يقبل إلا ما وافقها، ولا يسمح بالتعدي عنها في أي من الظروف والأحوال، فانه لو فعل ذلك فلن يسلم من يواثقها..

إن المهم في المحيط الجامعي، هو أن يخطط من حين دخوله إليه للخروج منه على حالة السلامة في الفكر، وفي الدين، وتلك هي المهمة الأصعب، وذلك هو الفوز المبين..

وفقنا الله وإياكم لمراضيه، وجنبنا وإياكم معاصيه، إنه ولي قدير، وبالإجابة حري وجدير..

والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين.

السيد جعفر مرتضى العاملي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى