مقالات

نماذجُ للجدل والحوار العقيم في القران

يعد التحاور من سبل ارتقاء البشر عبر قرون كثيرة, ولكن مشروط بالحجة الدامغة والدليل الساطع, ذاك الذي يعكس رؤى وبصيرة المتبنين للحوار, وخيره ما كان لأجل إماتة جور وإظهار حق,

وقد أظهرت الآية الكريمة إلى أصول وآداب القول والجدل المثمر في قوله عز وجل: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ,

تبين أصول وآداب الحوار والجدل المثمر للمؤمنين. حقيقة إن هناك فروقات في المعنى بين الحوار والجدل رغم إنهما مفردتان كلاميتان تستخدم في المناظرات الكلامية, الا انه تم تعريفها من قبل البعض: (الحوار هو كلمة غالبا ما تستعمل في المناظرة الهادئة التي يسود عليها الألفة والبحث عن الحق, والجدال غالبا ما يكون جوه صاخبا وقد ينشأ عنه خصومه وعناد) . ولا خلاف ان حدود ومعالم الحوار السليم البعيد عن السطحية قد رسمه كتاب الله العزيز في العديد من الآيات القرآنية, وهو الذي حذر الناس من المجادلة والتحاور بدون وجه حق, واظهر لنا نماذج قرآنية صريحة تبين صور لجدل وحوار الأقوام العقيم مع أنبيائها(عم), في محاولة منها لصد الأنبياء(عم) عن دعوتهم الكريمة, ومنها ماجاء في نص الآية الكريمة من قوله تعالى:(فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) , وقد جاء في تفسير هذه الآية المباركة:(أنكم حاججتم في إبراهيم (عليه السلام) ولكم به علم ما، كالعلم بوجوده و نبوته، فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم وهو كونه يهوديا أو نصرانيا و الله يعلم و أنتم لا تعلمون، أو أن المراد بالعلم علم ما بعيسى و خبره، والمعنى أنكم تحاجون في عيسى و لكم بخبره علم, فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم وهو كون إبراهيم يهوديا أو نصرانيا، هذا ما ذكروه) , واظهر لنا الكتاب العزيز أيضاً صوراً ونماذجَ لمجادلات أخرى تبين هزاله فكر متبنيها ومنها أنموذج قراني يبين نظرة المشركين ورؤيتهم المتخبطة في حبال الشرك والتي بينت مدى إضمارهم الضغائن للنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) في ذاتهم الغافلة, و في محاولة لثنيه عن منظوره السديد في القول والفعل وصده عن دعوته الإسلامية, ومنها قوله عز وجل:(وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ *أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) , وقد جاء في تفسير هذه الآية ما حدث عنه الطبرسي في وجه نزول الآية حسب قول المفسرون: (إنّ أشراف قريش وهم خمسة وعشرون منهم الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم وأبو جهل وأبيّ واميّة ابنا خلف وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والنضر بن الحارث أتوا أبا طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا وقد أتيناك لتقضى بيننا وبين ابن أخيك فانّه سفّه أحلامنا وشتم آلهتنا ، فدعى أبو طالب رسول اللَّه (ص) وقال : يا ابن أخ هؤلاء قومك يسألونك : فقال : ما ذا يسألونني ؟ قالوا دعنا وآلهتنا ندعك وإلهك فقال (ص): أتعطونني كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم، فقال أبو جهل : للَّه أبوك نعطيك ذلك وعشر أمثالها فقال : قولوا : لا إله إلَّا اللَّه ، فقاموا وقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا ) ، وكما إن صفات المحاور اللاواعي تبين أنه شخص مجادل بعيد عن الصواب و جل خطابه وحواره مع الآخرين هو يصب في الباطل وقد أظهر القرآن الكريم مدى غور شخصه في دوامة السبات والتحير التي صدته عن حقيقة وجود دار المعاد في مسيرة حياته الدنيوية كما في قوله عز وجل: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) , لذا تبين إن نظرة المؤمن الواعي لدلالات الآيات القرآنية هي التي أكسبته الحكمة في حواره وجدله الذي دائما نراه مدعوماً بحجج دامغة من طيات فكره المتيقنة بحقائق الوحدانية والإيمان بالرسالات والأنبياء والأوصياء أمثال أئمتنا الأبرار(عم) . ومن أشكال الحوار القراني الذي يبين هزل الرؤى لمتقليديه أنموذج يبين نظرة المشركين ورؤيتهم المتخبطة في حبال الشرك التي تحمل الضغينة لنبي الله(صلى الله عليه وآله) ومنظوره السديد في القول والفعل, كما في قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ *أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) , جاء في تفسير هذه الآية ما قال عنه الطبرسي في وجه نزول الآية حسب قول المفسرون: (إنّ أشراف قريش وهم خمسة وعشرون منهم الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم وأبو جهل وأبيّ واميّة ابنا خلف وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والنضر بن الحارث أتوا أبا طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا وقد أتيناك لتقضى بيننا وبين ابن أخيك فانّه سفّه أحلامنا وشتم آلهتنا ، فدعى أبو طالب رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) وقال : يا ابن أخ هؤلاء قومك يسألونك : فقال : ما ذا يسألونني ؟ قالوا دعنا وآلهتنا ندعك وإلهك فقال (صلى الله عليه وآله): أتعطونني كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم ، فقال أبو جهل : للَّه أبوك نعطيك ذلك وعشر أمثالها فقال : قولوا : لا إله إلَّا اللَّه ، فقاموا وقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا ) ، فصفات المحاور اللاواعي اظهره القران الكريم وبينت انه شخص غائر في دوامة الغفلة عن دار المعاد كما في الاية الكريمة: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) , وهناك فروقات في المعنى بين الحوار والجدل رغم إنهما مفردتان كلاميتان تستخدم في المناظرات الكلامية الا انه تم تعريفها من قبل البعض: (الحوار هو كلمة غالبا ما تستعمل في المناظرة الهادئة التي يسود عليها الألفة والبحث عن الحق, والجدال غالبا ما يكون جوه صاخبا وقد ينشأ عنه خصومه وعناد) , اللهم من علينا بحسن القول والرؤية السديدة وأحطنا بعلم القران الكريم الذي يجنبنا سخطه يوم نقف بين يديه الكريمتين للحساب اذ ان وعده حق ووعيده شديد للغافلين والمكذبين لحسابه, من أصحاب النظرة السطحية الذين حدثت عنهم الآية الكريمة من قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى