مقالات

في الإمامة

بقلم/ منير عوض

 

 

الحلقة السابعة

 

ـ الأدلة النقلية على وجوب وجود إمام:

إن الأدلة النقلية على وجوب وجود إمام في كل زمان يكون من مهامه رعاية شؤون المسلمين وتدبير شؤونهم والحكم بينهم إلى غير ذلك من الأمور التي تتطلب وجود إمام يقوم بها هذه الأدلة القرآنية والروائية كثيرة وهي تبين لنا أن الناس إن لم يقبلوا بالإمام العادل المنصب من قبل الله فإنهم سينقادون لإمام ظالم يدعوهم ويسوقهم إلى النار فالأمر أمر حتمي وضروري لابد من وجوده وهو إن لم يكن إمام حق وهدى فهو إمام باطل وضلال وهذا هو ما أشار إليه أيضا الإمام علي عليه السلام بقوله:

( وإنه لابد للناس من أمير بر أو فاجر)([1]).

وليس في هذا القول قبول من الإمام عليه السلام لإمارة الفاجر ولا دعوة منه للناس لإطاعة الأمير أياً كان؛ ولكنه يشير إلى حاجة الناس إلى أمير وعدم مقدرتهم عن الاستغناء عن هذا فإن لم يكن أمير بر فسيكون حتما أمير فجور فالأمير أمر لا بد منه والناس متى لم يقبلوا بإمارة البر فسيقبلون رغم أنوفهم بإمارة الكافر.

ولأن الدليل القرآني مقبول لدى جميع الفرق ولا إشكال فيه؛ أطلنا الوقوف عليه قياسا بالوقوف هنا، أما الروايات فقد اقتصرنا على مسألة واحدة ثابتة عند السنة والشيعة ولا خلاف ولا اختلاف بينهم عليها سنتناولها بإذن الله لاحقا إجمالا مع أن هذه المسألة لوحدها تستلزم بحثا خاصا وهو ما ليس مقامه هنا.

 

 

 

و سنعرض في مبحثنا هذا شيئا يسيرا من الأدلة النقلية بشقيها:   

أ ـ من القرآن الكريم:

وقد أرجأنا النقاش في هذا الأمر إلى المباحث اللاحقة حيث سنتحدث فيها بشيء من التفصيل عن الأدلة القرآنية على الإمامة.

ب ـ من السنة النبوية:

إن أقوال النبي التي نحن بصدد الوقوف عليها هي أقوال مرتبطة بمسألة الإمامة وهي موجودة في كتب السنة والشيعة ويمكن تقسيم الموضوعات التي تحتويها إلى :

أولاً : أحاديث شاعت في كتب أهل السنة وذاعت على ألسنتهم :

وقبل أن نورد بعضا من الأحاديث الشائعة لدى السنة بخصوص هذا الموضوع ينبغي علينا التذكير بما حصل بعد وفاة النبي صلوات الله عليه وآله من تأخير لدفنه وتقديم لتنصيب الإمام اللاحق له حيث يشير أبو بكر في خطبته المشهورة :

( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت لابد لهذه الأمر ممن يقوم به فانظروا وهاتوا آراءكم…)([2]).

فهو يقول بأنه لابد للمسلمين من إمام وهذا أمر بديهي فضرورة وجود الإمام ضرورة عقلية لا خلاف فيها ووجوب إطاعته أيضا مما هو متفق عليه عند متكلمي الشيعة والسنة وسواهم من الفرق الأخرى.

ولنعد إلى الأحاديث التي تتحدث عن وجوب وجود إمام للمسلمين ويكون على الناس وجوبا إطاعة هذا الإمام ولا يجوز بأي حال من الأحوال الخروج عليه وهذه الأحاديث صحيحة ثابتة في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة، ففي صحيح البخاري عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:

(من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)([3]).

وروى أحمد في مسنده هذا الحديث بلفظ :

( من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية)([4]).

وروي في مصادر أخرى :

(مَنْ مات وليستْ عليه طاعة مات ميتة جاهلية .)([5]).

وروي أ]ضا في مصادر أخرى:

( من مات وليس عليه إمام فميتته جاهلية)([6]).

وهذا الإمام كما تبين الأحاديث واجب الطاعة وقد روى أيضا البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني»([7]). 

وقد روي هذا الحديث أيضا في سنن ابن ماجه، وصحيح ابن حبان، ومسند أحمد، وغيرهم.

كما روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال: «قلت: يا رسول الله: إنا كنا بشر، فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم، قلت: هل من وراء ذلك الشر خير؟ قال: نعم، قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم، قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك. فاسمع وأطع»([8]).

فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من كره من أميره شيئا فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا، فمات عليه، إلا مات ميتة جاهلية»([9]).

[1] نهج البلاغة – خطب الإمام علي (ع) – ج ١ – الصفحة ٩١.

[2] صحيح البخاري، الرقم: 3667.

[3] صحيح مسلم ، مسلم النيسابوري ، ج3 ، ص1478و السنن الكبري ، البيهقي ، ج8 ، ص156 و مجمع الزوائد ، ج5 ، ص218 و مشكاة المصابيح ، ج2 ، ص1088و سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ج2 ، ص715 .

[4] [مُسْنَدُ أَحْمَد 4: 96، المُعْجَمُ الكَبِيْرُ لِلطَّبَرَانِيِّ 19 : 389].

[5]مسند احمد ، احمد بن حنبل ، ج4 ، ص96 و مجمع الزوائد ، الهيثمي ، ج5 ، ص218 و مسند الطيالسي ، الطيالسي ، ص295 و الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج7 ، ص49 و حلية الأولياء ، ج 3 ، ص22 .

[6] المعجم الكبير ، الطبراني ، ج 10 ، ص298و المعجم الأوسط ، ج2 ، ص317 و ج4 ، ص232 و مسند أبي يعلي، ج6 ، ص251 و كتاب السنة ، ابن أبي عاصم ، ج2 ، ص489 و مجمع الزوائد ، الهيثمي ، ج5 ، ص224-225.

[7] البخاري (2957)، ومسلم (1835).

[8] صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:1847

[9] صحيح البخاري ص : 7053.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى