مقالات

لمن الشفاعة ومن هم اهل الشفاعة

الشفاعة مأخوذة من الشفع الذي هو خلاف الوتر فكأنه سؤال من الشفيع. شفع : سؤال المشفوع له والشفاعة ، والوسيلة والقربة والوصلة نظائر.

ويقال شفع شفاعة وتشفع تشفعاً ، واستشفع استشفاعاً ، وشفعه تشفيعاً والشفع من العدد : ما كان أزواجا تقول كان وتراً فشفعته باخر حتى صار شفعاً ومنه قوله : قال بعض المفسرين :

الشفع : الحفاء يعني كثرة الخلق والوتر اللَّه والشافع : الطالب لغيره والاسم الشفاعة والطالب : الشفيع والشافع والشفعة في الدار معروفة. وتقول فلان يشفع إليّ بالعداوة أي يعين عليّ ويعاديني وتقول شفعت الرجل : إذا صرت ثانيه وشفعت له : إذا كنت له شافعا. وانما سميت شفعة الدار ، لأن صاحبها يشفع ماله بها ، ويضمها الى ملكه واصل الباب : الزوج من العدد : وقوله‏ { وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ } [البقرة : 48] مخصوص عندنا بالكفار ، لأن حقيقة الشفاعة عندنا ان يكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع.

والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فيشفعه اللَّه تعالى ، ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصلوة

لما روي من قوله (صلى الله عليه واله وسلم) : ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من امتي‏ : وانما قلنا لا تكون في زيادة المنافع ، لأنها لو استعملت في ذلك ، لكان أحدنا شافعاً في النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إذا سأل اللَّه ان يزيده في كراماته وذلك خلاف الإجماع فعلم بذلك ان الشفاعة مختصة بما قلناه وعلم بثبوت الشفاعة ان النفي في الآية يختص بالكفار دون أهل القبلة. والآيات الباقيات ‏(1) نتكلم عليها إذا انتهينا اليها ان شاء اللَّه.

والشفاعة ثبت عندنا للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين. وقيل ان نفي الشفاعة في هذه الآية يختص باليهود من بني إسرائيل ، لأنهم ادعوا انهم أبناء اللّه واحباؤه وأولاد أنبيائه ، وان اباءهم يشفعون اليه فأيسهم اللَّه من ذلك ، فاخرج الكلام مخرج العموم. والمراد به الخصوص. ولا بد من تخصيص الآية لكل احد ، لأن المعتزلة والقائلين بالوعيد يثبتون شفاعة مقبولة- وان قالوا انها في زيادة المنافع- واصل الشفاعة ان يشفع الواحد للواحد فيصير شفعا. ومنه الشفيع لأنه يصل جناح الطالب ويصير ثانياً له. والذي يدل على ان الشفاعة في إسقاط الضرر قول شاعر غطفان أنشده المبرد :

وقالوا ا تعلم ان مالك ان تصب‏ يفدك وان يحبس بديل ويشفع ‏(2)

واستعملت في زيادة المنافع ايضاً – وان كان مجازاً لما مضى – قال الحطيئة في طلب الخير :

وذاك امرؤ ان تأته في صنيعة الى ماله لم تأته بشفيع‏

وقد استعملت الشفاعة بمعنى المعاونة انشد بعضهم للنابغة :

أتاك امرؤ مستعلن لي بغصة له من عدو مثل مالك شافع‏

أي معين وقال الأحوص :

كأن من لامني لا صرمها كانوا لليلى بلومهم شفعوا

أي تعاونوا.

المصدر كتاب التبيان للشيخ الطوسي

_________________

(1) في المخطوطة( الباقية).

(2) يديل : يزول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى