مقالات

سمو اُسلوب القرآن عن الأساليب الثلاثة

لا شك في الأساليب الثلاثة المتقدمة تستعمل في البيان والتفهيم ، وهي أساليب رائعة جداً لو طبقت قواعدها بشكل صحيح ، ولكن يبقى السؤال عن إعجاز القرآن البياني مطروحاً ، هل نقصد به واحداً من هذه الأساليب أو نقصد به معنى آخر يفوق تلك الأساليب ؟ ومن حيث المبدأ نجيب : بأن الفاظ القرآن واُسلوبه تشكل إعجازاً فاق كل الأساليب المتقدمة ، ولكن كيف نثبت ذلك ؟ هذا ماسنحاول الإجابة عنه في هذا الدرس.

الدليل على سمو اُسلوب القرآن

الاولى : من خلال كلمات أولئك العظام الذي استخدموا تلك الأساليب المتقدمة لنرى ماذا يعني الإعجاز البياني للقرآن؟

الثانية: من خلال نفس القرآن .

أما الجهة الاٌولى: فمثلاً نجد علي ابن ابي طالب (عليه السلام) يصف القرآن بالقول :

(وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه ، لا تهدم أركانه وعز لاتهزم أعوانه )(1)

ووصفه في وصف آخر:

( ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لاتطفأ مصابيحه ، وسراجاً لا ينجو توقده وبحراً لا يدرك قعره)(2)

أما الوليد بن المغيرة، وهذا كان من الذين تتحاكم لديه الادباء قال بحق القرآن لما سمع النبي يتلو بعض آياته فقال:

والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الأنس ولا من كلام الجن وأن له لحلاوة ، وأن عليه طلاوة ، وأن أعلاه لمثمر، وأن أسفله لمغدق وأنه ليعلو وما يُعلى عليه.(3)

أما عتبة بن ربيعة عندما سمع آيات الذكر الحكيم قال:

إني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط ، والله ماهو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة … فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم.(4)

وهناك قصة قد حكاها القرآن بقوله : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: 26]

والقصة تشير الى وجود ثلاث أشخاص كانوا يأتون ليلاً ليسمعوا من الرسول (صلى الله عليه واله) القرآن وكان لايعلم أحدهم بالأخر ، فكل واحد منهم يأخذ مكاناً في أستار الليل ليسمع من الرسول (صلى الله عليه واله ) ، وكانوا يتفرقون فيلتقون في الطريق ويتواصوا بعدم الذهاب ثانية ، ثم يكرروها الى أن قال بعضهم لبعض:

لا تعودوا فلو رأكم بعض سفهائكم لاوقعتم في نفسه شيئاً ثن أنصرفوا.(5)

الم يكونوا هؤلاء أصحاب البلاغة والفصاحة ، وملوك البيان والشعر ، فلماذا أسرهم القرآن بهذا الشكل إذا لم يكن فيه تفوق على مايمتلكونه من فصاحة وبلاغة ، هذا من الجهة الأولى .

الخلاصة

1- إن اُسلوب القرآن الكريم يفوق الأساليب التي تقدم شرحها سواء كانت علمية أم أدبية أم خطابية .

2- يستدل على تفوق القرآن الكريم واُسلوبه بوجهين: الأول : شهادات واعترافات كبار الفصحاء وملوك البيان . والثاني: حديث القرآن عن نفسه.

3- من أبرز الذين بينوا عظمة خطاب هذا الكتاب واعترفوا بسمو عرضه واُسلوبه هم : علي بن ابي طالب، والوليد بن المغيرة، وعتبة بن ربيعة.

__________

1- نهج البلاغة: الخطبة 131.

2- المصدر: الخطبة: 196.

3- بحار الأنوار:9 ، 167.

4- تفسير البغوي:4، 111.

5- تفسير ابن كثير: 3، 47.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى