مقالات

التواضع تاج المؤمنين ورفعة الصالحين

إن ما جاء به ديننا الحنيف وما زرعه رسولنا الكريم”صلى الله عليه وآله” وأهل بيته الأطهار في رسالته السماوية من مكارم للأخلاق ليخرج الناس من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الهدى والإيمان وينقذوهم من أوبئة الرذائل والمفاسد إلى رضوان الفضائل والمحاسن ويرشدوهم إلى ما فيه خير وصلاح وهي بمثابة مدرسة للقوانين نتعلم منها كيف تضع الإنسان في الأطر الصحيحة في الحياة وتعامله مع الآخرين ليس للمسلمين فحسب بل للإنسانية جمعاء

ومن المؤكد إن صلاح الإنسان لا يأتي إلا من خلال أن يعي دوره على المستوى الروحي والنفسي والتربوي والاجتماعي بحيث تنعكس ايجابياً على سلوكه خلال إدراكه كيف التعامل مع الآخرين مما يكفل له الرفعة والسمو,

فمن هذه الخصال الحميدة التي يجب على الإنسان أن يتمسك بها ويعتبرها أول إيمانه هو التواضع فأنه من خلق الأنبياء ومفخرتهم, وأحد مقومات النبوة لهداية البشر, فهو خلق كريم يستهوي القلوب ولأهميته ودوره الفاعل في النفوس أمر الله نبينا الأكرم “صلى الله عليه وآله” بالتواضع فقال في كتابه العزيز(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) كما بيّن أهل بيت النبوة “عليهم السلام” شرف هذا الخلق واعتبروه من كمال المؤمن وزينة خصاله والسبب الرئيسي لرفعة الإنسان وعن رسول الله “صلى الله عليه وآله”: (من تواضع لله رفعه) , أما ما يقابل هذه الخصلة الحميدة فهو التكبر والعظمة ونستطيع أن نصفهما من الأمراض الخطيرة التي تصيب النفس البشرية مما تجعلها دائماً في عناء وشقاء, ولو تساءلنا لِمَ يتكبر الإنسان وهو مخلوق ضعيف؟ فالجواب هو إن شعور المتكبر بالغرور والاستعلاء الذاتي على أقرانه ورغبته في التميز على الآخرين والتعالي عليهم والاستغناء عنهم كل هذا يتولد من الشعور بالنقص الداخلي مما يدعوه إلى إكماله حسب نظرته القاصرة بالتكبر الخارجي, فيصبح في هذا الحال قريناً للشيطان الذي استكبر وأبى الانصياع لأمر الله بقوله عز وجل (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) وروي عن الرسول الأعظم محمد”صلى الله عليه وآله” (إياكم والكِبر, فإن الكِبر في الرجل وإن عليه العباءة) , فمن يحملون صفة التكبر الرذيلة تجدهم بعيدين عن صفة الشجاعة والمروءة وأكثرهم جهلاً وتتجسد في شخصيتهم حب الظهور وتزكية النفس وحكاية الأحوال للغير على وجه المفاخرة والتكاثر والتفاخر بالنسب والمنصب الوظيفي وغير ذلك, فعن أمير المؤمنين “عليه السلام” وهو يصف التكبر قال:(إياك والكِبر فإنه أعظم الذنوب والأمُ العيوب, وهو حلية إبليس) ,وحذر منه في قوله”عليه السلام” (احذر الكِبر, فإنه رأس الطغيان ومعصية الرحمن) . علينا أن ندرك بأن التكبر هو نوع من أنواع الهلاك إذ خلق الله الإنسان من تراب وعودته إلى التراب وليعلم المتجبرون بأن الموت مصرعهم ولماذا يتعالى بعض الناس على بعضهم والقبور بعد هذه الدار منازلهم فروي عن الإمام السجاد علي بن الحسين”عليه السلام” (من قال استغفرُ الله وأتوب إليه, فليس بمستكبرٍ ولا جبارٍ) , وعن الإمام الصادق”عليه السلام” (الكِبر أن تغمص الناس وتسفه الحق) . فالواجب على كل مسلم أن يتواضع لعباد الله ويلين لهم جانباً ويحب لم الخير والنصح ويحترم كبيرهم ويحفوا بصغيرهم ويوقر عالمهم إذن اسعَ ما استطعت أن تكون متواضعاً وأعلم أن التواضع لاينقص من شأنك وجلالك شيئاً, بل إنه يصل بك إلى المرتبة الرفيعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى